مباشر

الولايات المتحدة تتلقى ضربة جوابية محسوبة بدقة

تابعوا RT على
نشر موقع "فزغلياد" مقالا للكاتب بيوتر أكوبوف شرح فيه أهمية قرار موسكو تخفيض عدد الدبلوماسيين الأمريكيين العاملين في روسيا إلى 455 دبلوماسيا.

 جاء في المقال:

رد الكرملين على مشروع القانون الأمريكي، الذي يشدد العقوبات ضد موسكو، ولم ينتظر توقيعه من قبل الرئيس ترامب؛ ما يحمل معنى ذا أهمية خاصة.

وجاء ذلك بعد تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي الخميس الماضي لمصلحة قانون جديد يفرض عقوبات جديدة على روسيا. وكان بمستطاع موسكو التريث قليلا، ولو من الناحية الشكلية، ريثما يمهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مشروع القانون بتوقيعه. لكنها قررت عدم القيام بذلك من أجل التسهيل على ترامب في كفاحه للاحتفاظ بمقعد الرئاسة.

ويشير بيان الخارجية الروسية، الذي يتحدث عن أسباب اتخاذ قرار الإجراءات الجوابية، إلى "عدوانية الولايات المتحدة في الشؤون الدولية"، وأن واشنطن تحت غطاء "الاستثنائية" تتجاهل بغطرسة مواقف ومصالح الدول الأخرى". وأشار البيان إلى أن روسيا بذلت كل ما في وسعها لتطبيع العلاقات بين البلدين، لكن الولايات المتحدة، وتحت ذرائع ملفقة، مثل التدخل الروسي في شؤونها الداخلية، تفرض باستمرار، ومرة تلو المرة، عقوبات غير قانونية على روسيا... بما في ذلك الحجز مؤخرا على الممتلكات الروسية–الدبلوماسية في الولايات المتحدة".

كما يشير بيان الخارجية الروسية إلى أن الولايات المتحدة باعتمادها القانون الجديد "قد أظهرت بوضوح أن العلاقات مع روسيا أصبحت رهينة للصراع السياسي الأمريكي الداخلي"... وأن التطورات الأخيرة، كشفت بوضوح تام أن "بعض الدوائر الأمريكية" قد اتخذت مسار "المواجهة المفتوحة مع روسيا"، كما أشار بيان الخارجية الروسية.

ومن الواضح أن هذا التقليص الضخم للدبلوماسيين الأمريكيين العاملين في روسيا، سوف يشكل ضربة جدية لوزارة الخارجية الأمريكية لأسباب عديدة، منها: أولا، قد يتم تعديل عدد الدبلوماسيين المقلَّصين مع مرور الوقت (عبر إضافة أعداد جديدة). ثانيا، إن وزير الخارجية ريكس تيلرسون والرئيس دونالد ترامب مجبران على التعامل مع جزء من الموظفين الذين هم فعليا يعملون على التخريب. والوضع في السفارة الأمريكية على الأرجح لن يكون أفضل حالا مما هو عليه في وزارة الخارجية الأمريكية بعمومها، ولا سيما أن هذا التخريب يحمل طابعا إيديولوجيا، وكذلك مهنيا. أما الآن، فقد مُنح ترامب وتيلرسون مبررا لتطهير السفارة الأميركية في موسكو، ولو كان هذا المبرر غير مباشر.  

أما لماذا لم ينتظر بوتين ريثما يوقع ترامب قانون العقوبات الموجه ضد بلاده؟

أولا، لأن ترامب لا يمتلك أي قدرة كانت حتى على إجراء تعديل في القانون، مهما تحدث البيت الأبيض خلافا لذلك. إذ إن واحدا من الهدفين الاثنين لقانون العقوبات الأمريكية الجديد هو –الحد من صلاحيات الرئيس الأمريكي، وفي هذه الحالة (في مجال السياسة الخارجية). وفي الوقت نفسه توجيه الإهانة إليه أمام الملأ.

وإضافة إلى ذلك، فإن ميزان القوى في واشنطن في الوقت الراهن يُظهر بوضوح أن ترامب لا يستطيع استخدام حق النقض، أو حتى إقناع الكونغرس الأمريكي بإدخال تعديلات على مشروع القانون، والكونغرس سوف يتخطى هذه العقبات كافة في حال بروزها أمامه، والمساومة على تخفيف العقوبات سوف تبوء بالفشل.

وبالإضافة إلى كل ذلك، كان هناك سبب جدي آخر دفع الرئيس الروسي إلى عدم انتظار توقيع ترامب، وهذا السبب يرتبط بشخص فلاديمير بوتين، وشكل تحديدا مصدر استرشاد له لدى اتخاذه القرار الجوابي، وهو أن بوتين وبكل بساطة قدم مساعدة لترامب، الذي يستطيع الآن أن يوقع القانون بهدوء، وأن يضيف إلى ذلك قول شيء ضد روسيا وبصوت عال، ولم تعد هناك ضرورة للمواجهة مع الكونغرس (على الأقل في هذه المناسبة)، كما أنه لن يحتاج إلى البحث عن تبريرات أمام موسكو بأنه يرغب في تحسين العلاقات، لكن الكونغرس يمنعه من ذلك. وكأن الرئيس بوتين عبر رده القاسي يقول لترامب إن "موسكو ترد على القانون الذي اتخذ في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، قبل أن يوقعه ترامب".

ترجمة وإعداد:  ناصر قويدر

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا