جاء في المقال:
صرح قائد القيادة الاستراتيجية الأمريكية الجنرال جون هايتن بأن قيادة الجيش الأمريكي تسعى لتعزيز التعاون مع العسكريين الروس من أجل القضاء على الإرهاب في سوريا؛ مشيرا إلى أن "وجود قنوات اتصال مفتوحة مع روسيا والصين يمنح الفرصة للحد من المخاطر". وأضاف أن "الحوار، الذي يجري بشكل دوري على مستوى قيادات الأركان (جوزيف دانفورد وفاليري غيراسيموف) يتركز بشكل أساس على سوريا. بيد أن الخبر السار، كما أكد هايتن، هو أن "رئيس هيئة الأركان يعمل على تطوير خط الاتصال المفتوح مع نظيره الروسي".
وتعليقا على احتمال انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة إتلاف الصواريخ النووية متوسطة وقصيرة المدى، أكد القائد العسكري الأمريكي أنه لا يتفق مع الرأي الذي يدعو الجانب الأمريكي إلى الانسحاب منها، على الرغم من أن الروس لا يلتزمون بشروطها؛ مشيرا إلى أن العقوبات – "ليست دائما شيئا جيدا".
هذا، ولا تنكر أوساط المحللين والخبراء أهمية قنوات الاتصال العسكرية بين البلدين. فمن جهة يحبذ العسكريون الوضوح، كما أشار رئيس قسم دراسات نزاعات الشرق الأوسط وقوات المنطقة المسلحة في معهد التنمية الابتكارية أنطون مارداسوف، الذي أوضح أنهم بحاجة الى ترسيم خطوط محددة "لكيلا يقتل أحد"، ولهذا تبقى فرص تحسين العلاقات أكثر على هذا الخط. ومن جهة أخرى، وفقا لمارداسوف، وكما بينت الممارسة، فإن "القيادات العسكرية وعلى النقيض من العاملين في السياسة الخارجية، أكثر جزما في أحكامهم. وإذا كانت وزارة الدفاع الروسية تلتزم بصرامة بقواعد السلوك، فإن وزارة الخارجية تعتمد مبدأ الحوار، والشيء نفسه لدى الجانب الأمريكي. لذا نحن بحاجة إلى تحقيق توازن هنا، لأن العسكريين قادرون على الاتفاق فيما بينهم، ولكن من المهم بالنسبة إليهم ترتيب ذلك عبر الخط الدبلوماسي والسياسي".
ويؤكد مارداسوف أن الوضع برمته في سوريا قائم على التوازنات، و"شيء آخر أن جميع الحوادث تتخذ طابعا معقدا للغاية"، ولا سيما أن التوازن بين الروس والأمريكيين هناك هو بحد ذاته معقد ومتناقض.
وعندما "أسقطت الطائرة الحربية السورية، أوقفنا العمل بمذكرة التفاهم الروسي–الأمريكي حول الأجواء السورية. لكننا في الوقت نفسه نحن والأمريكيين اتفقنا على وضع رسم حد فاصل بين القوات الحكومية السورية و"قوات سوريا الديمقراطية" (ذات الغالبية الكردية) التي كانت تقتحم الرقة، وذلك لكيلا يسقط ضحايا من الطرفين. لذلك، من الطبيعي أن يكون البنتاغون من المؤيدين لتنشيط الاتصال مع هيئة الأركان العامة الروسية"، - كما يقول الباحث.
ويدرك الخبراء الغربيون أن مستوى العلاقات الراهن بين روسيا والولايات المتحدة هو أعلى قليلا مما كان عليه في نهاية فترة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. ويجب القول إن الفضل في ذلك يعود إلى وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، الذي يدعو إلى التقارب مع روسيا، وهو من يرى العلاقة الروسية–الأمريكية في إطارها الإيجابي، كما أكدت في حديث مع الصحيفة الأستاذة المساعدة في الكلية الملكية في لندن دوميتيلا ساغراموسو. ووفقا للخبيرة البريطانية، فإن التفاعل بين الجانبين الروسي والأمريكي في سوريا "ليس سيئا" من الناحية التقنية.
أما على المستوى الاستراتيجي، فإن "الوضع يختلف". ووفقا للخبيرة، فإن وزارة الدفاع الأمريكية تتخذ موقفا "متشددا" في العلاقات مع الكرملين، بسبب "قلقها إزاء تنامي القوة العسكرية الروسية، وطموحات موسكو الجيوسياسية". لكن، وكما تستخلص الخبيرة البريطانية، يملك البنتاغون "تأثيرا محدودا على المستوى الاستراتيجي"، وليس بمقدوره تحديد معايير العلاقة الأمريكية مع الملف الروسي، - كما اختتمت الخبيرة البريطانية.
ترجمة وإعداد: ناصر قويدر