جاء في المقال:
في السنوات الست الأخيرة، وجنبا الى جنب مع الكارثة السورية، تتكشف كارثة اليمن التي لا أعرف لماذا ينظر العالم بأسره إليها من دون أي اكتراث.
إن ما يحدث في اليمن ليس مجرد صراع عسكري أو صراع على السلطة، بل يمثل أقسى أنواع الاستهزاء بأرواح الملايين من الناس الأبرياء.
سبعة ملايين إنسان يمني يتضورون جوعا منذ أسابيع عديدة، في حين أن ثلثيهم باتوا في أمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
وفي غضون ذلك، يقول الغرب الذي يتغنى بمبادئ "الإنسانية" متمثلا بالولايات المتحدة الأمريكية إنه "لا يرى أي إفراط في استخدام القوة" ضد الشعب اليمني. وكما كتب (الأديب الروسي الشهير فيودور) دوستويفسكي: "أحيانا يتحدثون عن "وحشية" قساوة الإنسان، ولكن هذا ليس عدلا، بل إهانة للوحوش، لأن الوحش لا يمكن أن يكون على هذا المستوى من القساوة الموجودة لدى بني البشر".
إن الحصار المفروض على توريد الغذاء والأدوية والوقود، والتي يعتمد اليمن كليا عليها، يجعل الأمر فوق إدراك الإنسان. فإذا لم يتم إرسال المساعدات الإنسانية إلى اليمن على الفور، فبكل بساطة سوف يموت الملايين من الأطفال جوعا، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولية كل ذلك، لإدراكه حقيقة الوضع في اليمن بحيثياته وتفاصيله.
إن الولايات المتحدة وبريطانيا وعلى مدى سنوات عديدة تبيعان الأسلحة الهجومية للمملكة العربية السعودية، والتي باتت تستخدم لشن هجمات على المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين. وفي الوقت نفسه، منحت الولايات المتحدة مؤخرا ترخيصا لكل من الإمارات، الكويت والأردن لبيع وصيانة الطائرات المروحية أمريكية الصنع لدى القوات السعودية، وهذه إشارة واضحة لهذا "التحالف الإجرامي"، تعني أن بإمكانه "الاستمرار في القتل مع الإفلات من العقاب".
إن الصراع في اليمن قد تحول إلى نوع من الجحيم على الأرض، ولا يوجد أي شروط أولية لإيجاد حل له بسبب غياب النشاط الدولي للتوفيق بين الأطراف المتحاربة، والذي إن وجد على شحه، كان وبكل بساطة يفتقر إلى الكفاءة.
وإن استمرار العمليات العسكرية في اليمن يؤجج بشكل متزايد العداء بين السعودية وإيران، ويساهم في دفع عجلة التوتر في عموم المنطقة. وعلاوة على ذلك، فإن احتمال التوصل الى حل سلمي يتضاءل أكثر يوما بعد يوم، بسبب أن إدارة ترامب الموجِهة لملكيات النفط العربي، تبدي اهتماما بالسيطرة الكاملة على مضيق باب المندب الذي يمر عبره كل يوم 4.7 مليون طن من النفط الخام.
وهذا الصراع لا يمكن إيجاد حل له إلا عبر الوسائل السياسية، وبمساعدة وسائل الإعلام كافة. بيد أن عشاق الطغاة الأغنياء تحت قبة الكابيتول يجب أن يتوقفوا عن النظر الى العقود النفطية المربحة مع ممالك النفط، وأن ينظروا ولو للحظة في عيون أطفال اليمن وعيون الناس الجياع والمرضى من ملايين البشر في اليمن.
نحن نعرف أنه لم يعد هناك وجود للأخلاق في السياسة منذ زمن بعيد، ولكن لا أحد يستطيع القول إن سياسيا من "أكثر دولة تتغنى بالديمقراطية في العالم"، سيأخذ على عاتقه علنا مسؤولية هذه الإبادة الجماعية.
ترجمة وإعداد: ناصر قويدر