وتقول كاتبة المقال أولغا سوخاريفا إنه مع تزايد نجاحات القوات الحكومية والقوة الجو–فضائية الروسية في سوريا، تتكشف بوضوح أكثر رغبة واشنطن بالحفاظ على القدرة القتالية لتنظيم "داعش".
وتضيف الكاتبة أن تشكيلات المعارضة السورية المسلحة المتناحرة، مثل "الجيش السوري الحر" و"قوات سوريا الديمقراطية"، يجمعها شكليا هدف واحد هو القضاء على "داعش". في حين أن الأمور في الواقع تسير بشكل مختلف.
وتشير الكاتبة إلى تصريح قائد مجموعة القوات الروسية في سوريا الفريق أول سيرغي سوروفيكين، الذي اتهم فيه التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، و"اتحاد القوى الديمقراطية الكردية" بالتواطؤ مع "داعش" على الانسحاب من دون قتال من النقاط السكنية التي تحتلها الوحدات الكردية إلى تلك المحافظات، التي تنشط فيها القوات الحكومية السورية.
وحول حقيقة تعاون الأوساط العسكرية الأمريكية مع التنظيم الإرهابي، تشير سوخاريفا إلى تصريح نائب مدير هيئة أركان الجيش الايراني مصطفى إزادي بأن "لدينا وثائق ومعلومات تؤكد دعم الإمبريالية الأمريكية المباشر لتنظيم "داعش" المقرف في المنطقة"، بتعبير إزادي.
وتضيف أولغا سوخاريفا أن الأدلة على ذلك عديدة. وذكًرت بالواقعة التي حدثت في مطلع هذا الشهر، حين سمحت التشكيلات الكردية لعناصر "داعش" بالعبور الى منطقة تدمر، التي تقع تحت سيطرة القوات الحكومية من دون أي عائق. وترى الكاتبة أن الولايات المتحدة تهدف من وراء ذلك إلى استنزاف القوات الحكومية السورية في حرب أخرى مع تنظيم "داعش" في البادية السورية.
وتشير الكاتبة إلى أن هناك وضعا مماثلا تماما بدأ يتكشف على الحدود الجنوبية السورية، حيث يتحصن "الجيش السوري الحر"، الذي تشرف عليه الولايات المتحدة في مواجهة الجيش الحكومي، من دون أن يشارك في اشتباكات مع مسلحي "داعش". وعلاوة على ذلك، هاجم الطيران الحربي الأمريكي للمرة الثالثة القوات الحكومية تحت ذريعة حماية قواعده العسكرية.
وفي ظل هذا الوضع القائم، تسأل الكاتبة عمَّ تفعل القوات الأمريكية الموجودة بصورة "غير شرعية" على أرض دولة ذات سيادة؟ مذكِّرة بأن الرئيس بشار الأسد لم يدعُ القوات الأمريكية إلى سوريا.
وتلفت سوخاريفا إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها، بدلا من القضاء على مسلحي "داعش"، يهيئون الظروف لتجميعهم في تلك المناطق التي يمكن أن يشكلوا فيها مصدر استنزاف للقوات الحكومية في البادية السورية والأنبار العراقية.
وتشير الكاتبة إلى أن نشاط "داعش" لا يقتصر جغرافيا على سوريا والعراق بل يمتد إلى دول أخرى مثل أفغانستان واليمن.
وتنقل سوخاريفا عن عضو لجنة الأمن الوطني الأفغاني زبير مسعود أن إرهابيي "داعش" يعيدون ترتيب صفوفهم للذهاب من سوريا والعراق الى أفغانستان وتحديدا إلى ولاية بدخشان الأفغانية على الحدود مع جمهورية طاجيكستان السوفياتية سابقا. وأكد هذه المعلومات الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، الذي صرح بأن القوات الأمريكية في أفغانستان "تعمل على تعزيز مواقع داعش".
وتخلص الكاتبة أولغا سوخاريفا إلى أن جناح السلطة العسكري في الولايات المتحدة لا يحتاج إلى تسوية سلمية في الشرق الأوسط، وأن الوضع بات يهدد بصدام مسلح بين روسيا والولايات المتحدة على الأراضي السورية.
بيد أن الحرب التي يخطط لها بعض أعضاء النخبة السياسية الأمريكية مع روسيا لن تقتصر على سوريا وحدها، مع أن الأحداث في هذا البلد قد تصبح ذريعة، لكي يبدأ منها تصعيد جديد للمواجهة الروسية–الأمريكية.
ترجمة وإعداد
ناصر قويـدر