كتب رئيس قسم دراسات نزاعات الشرق الأوسط وقوات المنطقة المسلحة في معهد التنمية الابتكارية أنطون مارداسوف، ورئيس مركز الدراسات الإسلامية في معهد التنمية الابتكارية كيريل سيميونوف، أن مبالغة الرياض بشأن دور طهران اليمني هي حاجة استراتيجية إليها، لكيلا يفقد اجتياحها اليمن شرعيته.
وجاء في مقال الصحيفة أن الصراع مع إيران في اليمن – فكرة رئيسة للعربية السعودية، أما بالنسبة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فهي مناسبة ملائمة لاستعراض نشاطه في كبح طموحات إيران. غير أن الصراع مع إيران في اليمن هو ملائم لطهران نفسها على الرغم من أن تأثير الإيرانيين في وضع اليمن السياسي والعسكري هو واقعيا في حده الأدنى.
وتقول الصحيفة إن قائمة الاتهامات الموجهة إلى إيران في اليمن يمكن أن تملأ عدة صفحات من الجرائد، ولكنها جميعا من حيث الجوهر تصل إلى فكرة واحدة تقول إن السر في صمود الحوثيين يكمن في إمداداتهم الهائلة بالصواريخ الإيرانية ومساعدة خبراء "حزب الله"، ومشاركة وحدات من القوات الخاصة الإيرانية والحرس الثوري الإيراني، إضافة الى المتطوعين الأفغان من الخزر.
لكن الوضع في اليمن يختلف عنه في سوريا والعراق. إذ لم يتمكن أحد من العثور حتى الآن على مستشارين إيرانيين، أو معسكرات تدريب "لحزب الله"، فضلا عن وحدات شيعية أجنبية. لهذا، وكما جاء في المقال، فإن الذريعة الوحيدة المتبقية، التي يمكن عبرها ربط "أنصار الله" بإيران بطريقة أو بأخرى، هي – تزويدهم بالسلاح الإيراني.
لهذا، وكما يستنتج كاتبا المقال أنطون مارداسوف وكيريل سيميونوف، فإن تسليط الضوء على هذا الموضوع بالنسبة إلى السعودية يحمل طابعا استراتيجيا، وإلا فإن عملية اجتياحها اليمن سوف تفقد "شرعيتها"، حتى في العالم السني.
لكن، وكما يؤكد كاتبا المقال، فإن موضوع تزويد إيران اليمن بالسلاح نفسه مشكوك بأمره، ولا سيما أن اليمن يقع في حصار بحري محكم يتألف من أطواق عديدة لا تسمح مطلقا بوصول أي وسيلة نقل بحري إلى اليمن من دون تفتيش دقيق لمرات عديدة. وإن عملية الانتظار في كل مرة قد "تستغرق أكثر من أسبوع"، وتصل أحيانا إلى حد "غربلة القمح" المرسل إلى هناك. هذا، إضافة إلى أن السفن الحربية وطائرات التحالف السعودي يمكنها أن تدمر أي هدف بحري تختاره من دون سابق انذار، كما حصل مع حالتي قصف سفن المهاجرين في عامي 2015 و2017، حيث قتل العشرات من الناس الأبرياء، الذين حاولوا الفرار من الحصار الاقتصادي والجوع في اليمن.
ويذكِّر مارداسوف وسيميونوف بأن اليمن نفسه كان لسنوات عديدة ولا يزال نقطة عبور لصفقات تجارة السلاح في السوق السوداء إلى بلدان الشرق الأوسط كافة، وأن كبار تجار السلاح المحليين لم يختفوا مع بدء الاجتياح السعودي لليمن. وتؤكد مقالة الصحيفة، اعتمادا على بعض المصادر، أن السلاح يتم شراؤه من التجار المحليين وحتى من القوى الموالية للسعودية غير الراضية عن حجم المكافأة، التي وعدتهم بها حكومة الرئيس المنفي عبد ربه منصور هادي، وهؤلاء لديهم إمكانية الوصول إلى مصادر السلاح.
ويخلص كاتبا المقال إلى القول إن إيران في الواقع لم تلعب دورا مهما في تشكيل حركة "أنصار الله" الزيدية ونشاطها، رغم أنها شيعية. بيد أن هذه الحركة ما كانت لتتحول إلى حركة "ثورية" و"معادية للصهيونية" لولا تأثير إيران بطبيعة الحال. وإن الحوثيين يقيمون علاقات ودية مع إيران و"حزب الله"، ولكن لهذه العلاقة حدودا واضحة المعالم، ولا تمنح إيران الحق في اتخاذ أي قرار خاص باليمن.
ويختتم كاتبا المقال بالإشارة إلى سلطنة عمان "النافذة الوحيدة الى العالم الخارجي" لليمنيين المحاصرين بحرا وجوا، وإلى أن مسقط تنظر بقلق إلى تعزيز النفوذ السعودي في اليمن، وأنها بقيت على تواصل مع حلف صالح–الحوثي؛ ما شكل مدعاة إلى اتهامها من قبل الطرف الآخر الموالي للسعودية في تمرير السلاح إلى اليمن. وفي حال كون ذلك حقيقة، فانه يعني دعم مسقط للحوثيين وليس إيران.
ترجمة وإعداد
ناصر قـويدر