كتب سوبوتين:
لقد أبعد قرار الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ الرئيس الأمريكي عن شركائه الغربيين والصين، لكنه مقابل ذلك، قلص المسافة بينه وبين أعضاء الحزب الجمهوري. فمسألة المناخ قد تكون المسألة الوحيدة التي يتفق عليها أعضاء الحزب ودونالد ترامب. أما موقف الشعب، فهو مغاير تماما، حيث إن غالبية المواطنون تؤيد تنفيذ الالتزامات بشأنها.
غير أن زهاء 85 في المئة من مؤازري الحزب الجمهوري، بحسب دراسات مؤسسة غالوب، يعتقدون أن مسألة الاحتباس الحراري لا تشكل خطورة على الإنسانية. حتى أن بعض قادة الحزب يعدونها خدعة تقليدية. ومن بين هؤلاء، إضافة إلى الرئيس الأمريكي، رئيس وكالة حماية البيئة سكوت برويت.
وليس مستبعدا أن يكون لقرار الانسحاب علاقة برغبة ترامب بالتحقيق في أسباب تزايد السخط على شخصه خلال الفترة الأخيرة؛ لأن الانتقادات الموجهة اليه ليست فقط بسبب علاقته المزعومة بموسكو، بل وبسبب سياسته الداخلية. فوفق نتائج استطلاعات الرأي، لم تزد شعبيته، في نهاية شهر مارس/آذار، عن 30 في المئة. لذلك، فإن الانسحاب من اتفاقية المناخ يهدف إلى تخفيف التوتر الداخلي، - بحسب محللي موقع "Five Thirty Eight".
ويتفق مع هذا الرأي خبراء روس: يقول نائب مدير معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية فيودور فويتولوفسكي إن "ترامب يعبر عن موقف الجمهوريين الذين يعارضون دائما أي قيود ذات صفة دولية.
ولكنهم قد يوافقون على فرض القيود في ولايات معينة فقط. فإذا كان ترامب سينفذ قرار الانسحاب، فإن غالبية أعضاء الحزب الجمهوري سيقفون إلى جانبه". ويضيف الخبير أن مسالة التغيرات المناخية يُنظر لها في الولايات المتحدة كمسالة داخلية، في حين أنها "مسألة أساس بالنسبة إلى الديمقراطيين".
ومع هذا، تبين دراسة أجرتها جامعة هارفرد لـ "Politico" أن نسبة 62 في المئة من الأمريكيين تساند تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ. وهذا بحسب "Politico" دليل على أن الرأي العام لا يتفق ووجهة نظر الحزب الجمهوري، التي تفيد بأن مكافحة مشكلات البيئة تسبب تقليص فرص العمل في الولايات المتحدة.
أما إذا نظرنا إلى ردود أفعال السلطات في بعض الولايات والمدن، فإن الوضع لا يختلف. لأنه على خلفية خطوات ترامب، قرر حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو وزميلاه في كاليفورنيا وواشنطن جيري براون وجي إنسلي تأسيس اتحاد مناخي مهمته الحفاظ على التزامات المناخ، ويصبح ساحة لتبادل الخبرات وإدخال برامج تكنولوجية جديدة لتخفيض انبعاث الغازات الضارة. وبحسب كومو، فإن قرار البيت الأبيض الانسحاب من اتفاقية المناخ ستكون له عواقب وخيمة ليس فقط على الولايات المتحدة، بل وعلى العالم أجمع.
ترجمة وإعداد: كامل توما