جاء في مقال الصحيفة:
تصل المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى واشنطن اليوم 14 مارس /آذار، حيث ستتعرف شخصيا على الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، وسيجتمعان في القاعة البيضوية بالبيت الأبيض، وستتعلق الموضوعات الأساسية، التي ستناقشها ميركل خلال الاجتماع، بالتحالف في إطار الناتو والعلاقات التجارية بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.
ويمكن اعتبار زيارة ميركل لواشنطن زيارة خاطفة، لأنه سيكون عليها في اليوم التالي (الأربعاء) ترؤس اجتماع الحكومة الألمانية في برلين.
وقد فضلت وسائل الإعلام الألمانية، عشية الزيارة، عدم التركيز على المشكلات بين ألمانيا والولايات المتحدة، وعدم تعليق آمال كبيرة عليها.
فقد علقت صحيفة "بيلد-تسايتونغ" على هذه الزيارة بالقول: "ليس منتظرا أن يعلن الزعيمان عن مشروعات أو حلول كبيرة".
وبالطبع، هذا تكتيك. أما فيما تبقى، فلا يمكن الانتقاص من أهمية أول قمة أمريكية-ألمانية بعد تغير الوضع السياسي في الولايات المتحدة واحتمال حدوث تغيرات كبيرة في ألمانيا بعد الانتخابات البرلمانية. ولقد استعدت ميركل بصورة جدية للمفاوضات مع ترامب، حيث قرأت خطبه وكتبا لكي تفهم نمط تفكيره، المتميز عن الواقعية الألمانية الجافة.
من جانبها، رسمت وكالة DPA صورة نفسية للمشاركين في الاجتماع: "في أحد الجوانب، خبيرة في العلوم الطبيعية، رزينة تزن الحديث وتحاول التوصل إلى جوهره، وفي الجانب الآخر ملياردير انفعالي يسعى لحب الظهور وإثبات نفسه".
وستكون المسألة الأساسية، التي ستناقش، هي الشراكة الأمريكية–الألمانية والشراكة عبر الأطلسي، وبالتأكيد العلاقات مع روسيا. فقد أفاد العديد من وسائل الإعلام الأمريكية بأن "ترامب ينوي طلب النصيحة من ميركل بشأن كيفية التعامل مع بوتين". وفي الوقت نفسه يريد التعرف على سير المناقشات بشأن "مينسك-2"، ورأي ميركل فيما إذا كان من الضروري للولايات المتحدة دعم اتفاقات مينسك.
وبالطبع، فإن الحصول على المعلومات من مصادرها الأولية أمر جيد. بيد أن الجانب الأمريكي ليس بهذه الدرجة من السذاجة لكي يعتمد 100 في المئة تقييم ميركل، لأن سياستها حيال روسيا أدت فقط إلى تفاقم النزاع مع موسكو. وبالمناسبة، أوضح منسق الحكومة الألمانية في مجال الشراكة عبر الأطلسي يورغن هارت كيف يتصور الجانب الألماني وضعه خلال مناقشة المسألة الروسية مع ترامب: "سيكون الأمر رائعا إذا ما أعلنت الولايات المتحدة ثانية عن رغبتها في تحسين العلاقات مع روسيا. ولكن من دون الإضرار بحرية الأمم الأخرى".
ويمكن لميركل أن تقدم خدمة كبيرة إلى ترامب إذا ما حدثته عن التنصت على هاتفها الشخصي في عهد أوباما. غير أن ممثلي الحكومة الألمانية أشاروا إلى أنها لن تتطرق إلى هذا الموضوع خلال اجتماعها بترامب، وكذلك إلى الفضائح الجديدة لتجسس وكالة الاستخبارات المركزية.
ويسعى الجانب الألماني لنزع التوتر في العلاقات الألمانية–الأمريكية ولو ظاهريا، ولا سيما أن زيادة النفقات العسكرية في ميزانيتها لكي تعادل 2 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي تشير إلى استعداد ألمانيا للعمل جنبا إلى جنب مع الإدارة الأمريكية الجديدة. وكذلك تأكيد ميركل عدة مرات استعداد ألمانيا لتنفيذ التزاماتها في الناتو.
ومن الواضح أن هناك قلقا واضحا في برلين حيال القضايا الاقتصادية. فأمريكا تعاني من عجز يعادل 65 مليار دولار في التبادل التجاري مع ألمانيا. وإدارة ترامب تفكر بفرض عقوبات على الاستيراد من ألمانيا. لذلك التقت ميركل في ميونخ قبل سفرها نخبة الاقتصاديين الألمان. إضافة إلى أنها طلبت في اللحظة الأخيرة من رئيس مؤسسة سيمنس ومؤسسة "بي أم دبليو" مرافقتها في هذه الزيارة.
وكما هو معلوم، فإن إدارة ترامب تفضل العلاقات الاقتصادية الثنائية على العلاقات متعددة الأطراف. لذلك تحاول ألمانيا إنقاذ "اتفاقية الشراكة التجارية والاستثمار عبر الأطلسي"، عبر اعتبارها شراكة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وقد أشار يورغن هارت إلى أن ميركل ستركز خلال اجتماعها مع ترامب على علاقات شراكة جديدة.
وبصورة عامة، كانت ألمانيا وستبقى عنصرا مقيدا بالسياسة الأمريكية. ففيها تتمركز قوات أمريكية وقيادة العمليات وقواعد جوية ومراكز التجسس الأمريكية. وجميع هذه الأمور ستكون حججا في إعادة بناء العلاقات مع ألمانيا.