جاء في مقال الصحيفة:
شهدت روسيا في شهر نوفمبر/تشرين الثاني برودة كانت الأكثر في مثل هذا الشهر منذ مطلع القرن الحادي والعشرين الحالي. ويسأل المواطنون – أين ما يقال عن ارتفاع درجات الحرارة في العالم؟
بالطبع، غطت موجة البرد مجمل أراضي روسيا الشاسعة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2016. فقد انخفض متوسط درجات الحرارة بمقدار 4 - 6 درجات في سيبيريا ومنطقة الأورال. أما في مناطق أخرى، فسُجلت أرقام قياسية لانخفاضها.
يقول رئيس مركز الأرصاد الجوي في روسيا رومان فيلفاند إن "ارتفاع درجات الحرارة في العالم أمر واقع. فمثلا ارتفعت درجة الحرارة في موسكو شتاءً خلال السنوات الـ 35-40 الأخيرة بمقدار درجتين. ومنذ ربيع عام 2015 وإلى نهاية صيف عام 2016، أصبحت الفصول أكثر دفئا. وهذا يعني استمرار ارتفاع درجات الحرارة ولو بصورة بطيئة، ولكنه أمر واقع. فقد سجل في الصيف الماضي أعلى ارتفاع لدرجات الحرارة منذ عام 1891، وهذا أمر فريد ولكنه صعب التفسير. صحيح أن هذا يجري ببطء مقارنة بالتقلبات الحرارة. كما يتميز ارتفاع درجات الحرارة في العالم بتقلبات مفاجئة. فمثلا كان فصل الخريف في السنة الماضية أكثر دفئا من المعتاد، في حين كان هذه السنة باردا.
أي أن الطقس المعتاد يصبح قليلا، ويزداد تكرار الظواهر الشاذة – أمطار غزيرة وفترات الجفاف، ورياح شديدة ذات قوة مدمرة، وكذلك الأعاصير والمنخفضات الجوية الاستوائية. وإن تقلبات درجات الحرارة وزيادة الكوارث الطبيعية، هي بالذات الميزة الأساسية التي تستعرض واقع ارتفاع درجات الحرارة في العالم.
ويمكن الإشارة هنا إلى أن ارتفاع درجة الحرارة في اوروبا عام 2003 أودى بحياة 200289 شخصا في إيطاليا فقط. والأمثلة عديدة، ففي الولايات الجنوبية للولايات المتحدة حلت موجة جفاف شديدة، كانت الأشد خلال مئة عام في ولايات تينيسي وجورجيا وكارولينا الشمالية. وقد أودت الحرائق بحياة 14 شخصا في تينيسي. كما أن الجفاف الذي تتعرض له بوليفيا منذ عدة أعوام تسبب بجفاف بحيرتين؛ ما أجبر صيادي الأسماك إلى مفارقة عائلاتهم والبحث عن أماكن عمل في مناطق أخرى من البلاد.
وفي المقابل، يستمر هطول الأمطار في تايلاند، التي سببت الفيضانات وأودت بحياة 14 شخصا. كما تضرر من هطول هذه الأمطار 582 ألف شخص في 88 منطقة. كذلك، تعرضت فيتنام والمملكة السعودية وإندونيسيا للغرق ومعها منطقة مالقة الإسبانية أيضا بسبب هطول الأمطار. كذلك، فإن مدينة سان بطرسبورغ كان من الممكن أن تغمرها الفيضانات لولا مساهمة كاسحة الجليد في كسر طبقة الجليد التي غطت نهر نيفا بسبب وصول مياهه إلى درجة ارتفاع حرجة.
وقد تعرضت مدينة سوتشي في منتصف فصل الشتاء لإعصار هائل، حيث بلغ ارتفاع موج مياه البحر أكثر من خمسة أمتار. وبحسب شهود عيان، رافقت هذا الإعصار رياح شديدة تسببت في قطع الأسلاك واقتلاع الأشجار وأعمدة الإضاءة.
أما في الولايات المتحدة حيث الأعاصير ظاهرة اعتيادية، فقد سجلت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حادثة واحدة، مع أن عددها في هذا الشهر يكون بحدود 60. وبحسب خبير الأنواء الجوية فيكتور غينسيني من كلية دو بيتش- ولاية إيلينوي، يعود سبب انخفاض الأعاصير في أمريكا الشمالية إلى ندرة الجليد في القطب الشمالي.
والسؤال: من المذنب في هذه التغيرات المناخية المكلفة التي تودي بحياة الكثيرين؟
العامل الرئيس المسبب لهذه النكبات على الأرض هو النشاط البشري. فوفق معطيات مجموعة خبراء دولية مختصة بشؤون المناخ، يرتبط ارتفاع درجات الحرارة في العالم بالنشاط البشري بنسبة 95 في المئة.
ويشير رومان فيلفاند إلى أن "الزيادة المستمرة في القدرات الإنتاجية في العالم يساعد على ارتفاع تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون، وأن الاشعاعات الشمسية القصيرة تخترق بسهولة هذا الغاز، ولكن بنتيجة فقدانها للطاقة، عند انعكاسها عن سطح الأرض لم يعد بإمكانها اختراق هذا الحاجز ثانية، وتبقى مثل الكرة تقفز في طبقة الهواء، ما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة".
ما العمل؟ مع الأسف لم تعط كل المحاولات للتأثير في النشاط البشري النتائج المرجوة. ولم تتمكن البلدان خلال عشرات السنين من التوصل إلى اتفاق بشأن تخفيض الانبعاثات المضرة. وإن بروتوكول كيوتو الذي يجب أن يحدد الخطوات اللازمة للخروج من الأزمة المناخية، لم تصدق عليه دول كبرى مثل الولايات المتحدة. إضافة إلى ذلك، أعلن ترامب عن نيته الخروج من هذه الاتفاقية.
واستنادا إلى التقرير الذي قدمته مجموعة خبراء المناخ الدوليين، فإن هناك سيناريو كارثيا ينتظر البشر، حيث سيصبح في نهاية القرن الحالي في عام 2100 من الصعب على البشر العيش إذا استمرت التغيرات المناخية على وتائرها الحالية. وإن معدل درجات الحرارة سوف يرتفع إلى مستوى تصبح معه ظروف الحياة على الأرض غير صالحة للبشر.