جاء في مقال الصحيفة:
يحضر الرئيس الأمريكي مؤتمر التغيرات المناخية الذي ينعقد في ولاية ألاسكا. ولكن إدارته وأعضاء الكونغرس والمحللين السياسيين، يربطون هذه الزيارة بضرورة المساهمة في الصراع الدائر من أجل القطب الشمالي، لأنه حسب رأيهم، تخلفت الولايات المتحدة في هذا المجال كثيرا عن المنافسين الآخرين.
إن ارتفاع درجات الحرارة في العالم يفتح آفاقا جديدة في منطقة القطب الشمالي، مما يزيد التنافس على مناطق النفوذ. صحيفة "نيويورك تايمز" تعتبر المنافسة الجارية حول القطب الشمالي بأنها "حرب باردة جديدة". يعتقد البعض في الولايات المتحدة أن بلادهم في هذه "الحرب" تخسر أمام منافسيها وخاصة أمام روسيا. على أوباما الذي هو أول رئيس أمريكي يزور الدائرة القطبية الشمالية، أن يعلن موقف الولايات المتحدة من هذه المسألة.
تضيف الصحيفة، أن الولايات المتحدة لا تلاحظ تغير الظروف البيئية والاقتصادية والجيوسياسية في المنطقة. من جانبه يقول قائد قوات خفر السواحل الأميرال بول زاكنفت "نحن من زمن بعيد منزعجون لأن البلاد لا تملك الموارد الكافية لدعم وجودنا في القطب الشمالي". مضيفا أن أسطول خفر السواحل يضم كاسحتي جليد عفا عليهما الزمن، وأن عدم وجود موانئ عميقة يحول دون تطور حركة الملاحة.
أما روسيا حسب الصحيفة، فعلى العكس، فقد دخلت بنشاط في هذه المنافسات. فموسكو تبني 10 محطات للبحث والإنقاذ " وكأنها لؤلؤ في قلادة على ساحل القطب الشمالي". كما أن روسيا تعزز وجودها العسكري وتعيد الحياة إلى القواعد السوفيتية المتروكة. وأكثر من هذا فقد قدمت طلبا الى هيئة الأمم المتحدة لتوسيع مساحة الجرف القطبي بموجب اتفاقيات القانون البحري.
يقول زاكنفت "الولايات المتحدة لم تشترك في هذه اللعبة نهائيا". المنطقة تحتاج الى استثمارات، ولكن اختلاف وجهات النظر السياسية والبيروقراطية تعيق ذلك. ويذكر أن المركز الأمريكي للدراسات الدولية والاستراتيجية، نشر تقريرا تحت عنوان "ستار جليدي جديد" عن نشاط روسيا في منطقة القطب الشمالي، يشير فيه إلى أن "مستقبل الاقتصاد الروسي يرتبط بالتنمية المستدامة في منطقة القطب الشمالي".
من جانبه يقول الدكتور فلاديمير كوتليار محكم الأمم المتحدة في القانون البحري الدولي، "الأمريكيون يقلبون الصورة رأسا على عقب" عندما يتحدثون عن النشاط الروسي في المنطقة "يجب أن نبدأ من انه في تسعينيات القرن الماضي انسحبت روسيا من المنطقة القطبية الشمالية. وتخلت عن عدد كبير من المعدات ونقاط المراقبة الجوية وقواعد الإمداد بسبب نقص الأموال. في حين استمرت الولايات المتحدة في تعزيز وجودها العسكري البحري في المنطقة. وعندما بدأنا رويدا رويدا بإعادة ما فقدناه، ارتفع صراخهم. كل هذا من أجل تحريك لجنة الاعتمادات العسكرية في مجلس الشيوخ".
ويذكر الخبير كوتليار، أن الولايات المتحدة لم توقع على اتفاقية القانون البحري، لذلك "يحق لبقية الدول عدم أخذ رأي واشنطن بالاعتبار بشأن هذه المسألة. لأنه فقط الدول الموقعة على القانون البحري، يحق لها التصويت، والولايات المتحدة ليست من ضمن هذه الدول. لقد طلبت الخارجية الأمريكية عدة مرات من أعضاء مجلس الشيوخ التوقيع على الاتفاقية، وبعكسه فإنهم يشبهون من يطلق النار على قدميه".
موقف واشنطن هذا يمكن أن يعطي ميزات تنافسية معينة، وفي حال "أهملت الولايات المتحدة القانون الدولي، وبدأت عمليات الاستكشاف والتنقيب في الجرف القاري الذي لا يعود لها بمساعدة الأسطول البحري الحربي"، فإن هذا لن يرضي حلفاءها لأن لديهم مصالحهم في القطب الشمالي.
أما الباحثة العلمية في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، يكتيرينا لابيتسكايا فتقول، "كل هذا الضجيج يرتبط بترؤس الولايات المتحدة مجلس القطب الشمالي في عام 2015. حيث ستسخره واشنطن لخدمة مصالحها. وما يقال عن تخلف الولايات المتحدة في هذه المسألة، هدفه انتهاج سياسة أكثر صرامة في منطقة القطب الشمالي. في هذه الظروف سوف يستخدم المتنافسون على منصب الرئاسة هذه المسألة خلال حملتهم الانتخابية".
وأشارت لابيتسكايا، إلى أن موسكو لا تنتهك القانون الدولي خلال نشاطها في القطب الشمالي. ومن المثير للاهتمام، من حيث المفهوم الجيوسياسي "هارتلاند" يمكن تطبيقه على القطب الشمالي: "من يملك القطب الشمالي، يتحكم في مصير العالم."