في 27 يناير 2025 وقّع الرئيس دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يحظر على الأفراد المتحولين جنسيًا الخدمة في الجيش. ولم يكن هذا الأمر صارمًا في نطاقه فحسب، بل كان تنفيذه متسرعًا بشكل مثير للقلق، وقاسيًا في معاملته لأفراد الخدمة الذين كرّسوا حياتهم لحماية وطننا.
وعلى الرغم من الخطاب الذي يوحي بأن هذه السياسة تسمح ببعض التعقيدات، إلا أن الواقع مُطلق. لقد تخلّت وزارة الدفاع عن أي ادعاء بمنح أفراد الخدمة المتحولين جنسيًا امتيازات خاصة، والذين خدم العديد منهم بشرف منذ أن سُمح لهم بالخدمة علنًا لأول مرة في عام 2017. وهؤلاء الأفراد - الذين يستوفون جميع المتطلبات العسكرية، والمنتشرون في جميع أنحاء العالم، والذين يخدمون بتميز - يُصنّفون الآن على أنهم غير لائقين بناءً على سمة لا علاقة لها بقدراتهم أو أدائهم.
يمثل هذا التراجع المفاجئ خيانة غير عادية للثقة؛ حيث يواجه الآن أفراد الخدمة الذين تقدموا، غالبًا مع مخاطرة شخصية كبيرة، بموجب تأكيدات سابقة من القيادة العسكرية بإمكانية خدمتهم كجنود متحولين جنسيًا، فصلًا قسريًا. وبصفتي وزيرًا للبحرية الأمريكية، وخلال خدمتي العسكرية، التزمت بمؤسسة تفتخر بأنها لا تترك أحدًا خلفها. ومع ذلك، يتم التخلي عن آلاف أفراد الخدمة المتحولين جنسيًا دون مراعاة لسنوات خدمتهم الفعالة والمتفانية.
إن الجدول الزمني المتسرع لتطبيق هذه السياسة مثير للقلق. فعادةً ما تتضمن تغييرات السياسة العسكرية أشهرًا من التخطيط الدقيق والجداول الزمنية التي تأخذ في الاعتبار تعقيد نظام الأفراد العسكريين. لكن الأمر ليس كذلك هنا.؛ حيث كلف الرئيس ترامب وزير الدفاع بيت هيغسيث ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم بوضع خطة في غضون 30 يومًا ثم تنفيذها.
يبدو أن الخطة الحقيقية الوحيدة التي يحددها الأمر هي حملة اعتقالات وحشية لأفراد الخدمة المتحولين جنسيًا تمهيدًا لفصلهم فورًا دون تخطيط واضح للثغرات التي ستحدثها عمليات الفصل هذه أو كيفية سدّها.
ولعلّ الأمر الأكثر إثارة للقلق هو قرار البنتاغون بمعالجة أفراد الخدمة المتحولين جنسيًا من خلال إجراءات "الفصل الإداري" الذي يُخصص عادةً لسوء السلوك أو عدم استيفاء المعايير، وليس لصفة لا تؤثر على قدرة الفرد على أداء واجباته.
لقد خدم العديد من أفراد الخدمة المتحولين جنسيًا بتميز لسنوات، بل لعقود. وخضوعهم فجأة للفصل من الخدمة، من خلال آلية ترتبط عادةً بسوء السلوك، يرسل رسالة مدمرة حول تقدير الجيش لخدمة أولئك الذين يكرسون حياتهم للدفاع عن الوطن.
يشير المدافعون عن هذه السياسة إلى أحكام الإعفاء كدليل على مرونة السياسة الجديدة، لكن التدقيق فيها يُظهر أنَها وهمية. ويستحيل على أفراد الخدمة المتحولين جنسيًا استيفاء معايير الحصول على إعفاء، لأنها تستبعد أي شخص تحوّل جنسيًا، وتطالب بأن يخدم الناس وفقًا لجنسهم الأصلي، وأن ينكروا هويتهم.
لقد بنى أفراد الخدمة العسكرية مساراتهم المهنية، وأعانوا عائلاتهم، وخططوا لمستقبلهم بناءً على التزامهم العسكري. ويتمتع الكثير منهم بمهارات متخصصة استثمر الجيش ملايين الدولارات في تطويرها. كل هذا يُهمل بلا مبالاة.
ومع استمرار تطبيق هذه السياسة بوتيرة متسارعة، يواجه آلاف أفراد الخدمة العسكرية مستقبلًا غامضًا. وتستحق قصصهم أن تُسمع، وأن تُكرّم خدمتهم. علينا أن نسأل أنفسنا: ما الرسالة التي نوجهها إلى جميع من يخدمون عندما نخبر بعضهم أن سنوات تضحياتهم وتفانيهم يمكن تجاهلها بقسوة؟
في أمة تفخر بالتزامها بمبدأ أن الجميع خلقوا متساوين، يجب أن نتساءل بجدية عما إذا كانت هذه السياسة تعكس قيمنا العليا. وأولئك الذين يتطوعون للمخاطرة بحياتهم في خدمة الولايات المتحدة يستحقون الأفضل.
المصدر: Newsweek