نلخص ما ورد عن ( الانقلاب) في ثلاثية سيرغي خروشوف نجل الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشوف المكرس لتوثيق ودراسة سياسة والده وتداعياتها الإقليمية والعالمية.
هاجر سيرغي خروشوف الى الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي وعمل أستاذا وباحثا في جامعاتها الكبرى. وقبل بلوغه الخامسة والثمانين انتحر في ظروف غامضة يوم 18 يونيو من عام 2020.
ثلاثية البروفيسور سيرغي( نيكيتا خروشوف: ولادة الدولة العظمى) وتزيد صفحاتها على الألف ومئتي صفحة تشمل تعريفا وافيا بسياسات الزعيم السوفيتي المثيرة للجدل إلى اليوم في الدوائر العلمية والسياسية الروسية والعالمية.
يركز نجل خروشوف على أن ثلاثة أحداث عالمية كان للزعيم السوفيتي الدور الحاسم في إدارتها، جعلت من الاتحاد السوفيتي الخارج من الحرب العالمية الثانية منهكا، دولة عظمى وقطبا عملاقا في مواجهة الولايات المتحدة.
ويشدد سيرغي خروشوف على أن من بين الأحداث الكبرى التي كان لموقف والده منها الدور الحاسم في تثبيتها هو دعم ( انقلاب الضباط الاحرار) في العراق ضد النظام الملكي التابع لبريطانيا.
وللذين يغضبون من وصف الانقلاب، فان لينين ورفاقة أطلقوا على ( ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى) عام 1917 تعبير (انقلاب أكتوبر) من واقع أن الكلمة تعني التحول من نظام الى آخر وبقيت التسمية لأكثر من خمسة أعوام بعد نجاح( الانقلاب) إلى أن أطلق تعبير الثورة وتلك حكاية أخرى.
للمحتفلين بثورة الرابع عشر من تموز تهانينا الحارة، وللمعزين بالانقلاب ومقتل العائلة الملكية التعازي.
ولشعب العراق المبتلى بالانقلابات والثورات والحروب والحكام القتلة وأخيرا اللصوص؛ نقول عسى القادم يكون أفضل.
في ثلاثيته (نيكيتا خروتشوف ولادة الدولة العظمى) يروي سيرغي، نجل الزعيم السوفيتي الذي هز العالم مرات على مدى فترة حكمه الممتدة أقل من عقد بعامين؛ تفاصيل مثيرة عن كيف استقبلت موسكو الخروتشوفية الانقلاب العسكري في العراق فجر الرابع عشر من تموز 1958.
ويؤكد سيرغي خروتشوف(1935-2020) الذي كان هاجر إلى الولايات المتحدة ويحمل جنسيتها؛ أن أزمة السويس وأحداث العراق؛ كانا مداميك في ولادة الدولة السوفيتية العظمى؛ وأن والده كان بارعا في توظيف الحالتين لصالح تعزير مكانة موسكو الشيوعية عالميا.
ويعتقد البروفيسور سيرغي خروتشوف في ثلاثيته الكبيرة (أكثر من ألفي صفحة) أن أحداث صيف عام 1958 في العراق؛ كانت نتيجة لانفجار أزمة السويس، والمواجهة التي اقتربت من حدود المجابهة بين القوات السوفيتية وقوات البحرية الأمريكية، والأسطول البريطاني في السويس؛ ليصبح العراق ساحة المواجهة الجديدة.
ويقول نجل الزعيم السوفيتي؛ المعروف بأنه حطم عبادة الفرد في الاتحاد السوفيتي؛ إن خروتشوف اعتبر العراق مستعمرة بريطانية، وحكومة نوري السعيد "عميلة وخائنة وليس صدفة أن يحمل التحالف العسكري الاستعماري اسم حلف بغداد".
ويكتب: "فجاة ودون سابق إنذار وقع انقلاب عسكري في العراق، حين زحفت إحدى الفرق العسكرية العراقية نحو بغداد بقيادة آمرها عبد الكريم قاسم وصولا إلى القصر الملكي ليمسك دون قتال بزمام السلطة التي تركها نوري السعيد نهبا للأقدار.
وكان أول قرار اتخذته الحكومة الجديدة الخروج من حلف بغداد وبذلك دخلت بغداد بشكل آلي في خانة أصدقاء الاتحاد السوفيتي".
ويسرد خروتشوف الابن وقائع الإنزال البريطاني والأمريكي في لبنان والأردن ويرى فيه ردا استعماريا فوريا كان ينذر بتدخل عسكري إمبريالي في العراق كما فهمه خروتشوف الأب".
ويكتب: "لم يكن والدي في موسكو، فقد سافر يوم 12 تموز/يوليو بدعوة من فالتر أولبرشت إلى برلين لحضور مؤتمر الحزب الاشتراكي الألماني الموحد (الحزب الحاكم آنذاك في ألمانيا الشرقية ) وكنت بمعيته".
ويقول: "ما إن سمع والدي بخبر الانقلاب بعد ساعات من وقوعه حتى اتصل بموسكو، وطلب موافاته بالتطورات دقيقة بدقيقة وتابع بقلق الإنزال الأنجلو أمريكي، وصار يعمل وفق سيناريو أزمة السويس".
ويضيف: "عدل والدي في مسودة البيان الذي أعدته الخارجية السوفيتية حول الموقف في العراق وشدد من لهجته، وأضاف عبارة تؤكد على أن موسكو تستند إلى نهج الأفعال وليس الأقوال. وإذا اقتضى الأمر فإنها لن تتردد عن التدخل العسكري".
ويقول: "قبل ظهيرة الرابع عشر من تموز؛ أمر نيكيتا خروتشوف وهو ما يزال في برلين بإجراء استعراض للقوة العسكرية السوفيتية على الحدود مع تركيا وإيران وأن تقترب القطعات كثيرا من نقاط التماس".
ويضيف: "كان والدي على قناعة بأن التدخل الأنجلو أمربكي واقع لا محالة، وأن تركيا ستلعب دورا رئيسا في هذه المسرحية".
المصدر: RT