مباشر

ما الذي يعنيه فوز كير ستارمر بالنسبة للصراع الأوكراني

تابعوا RT على
بعد فوز حزب العمال بقيادة زعيمه كير ستارمر بالانتخابات العامة البريطانية تحت شعار "وقت التغيير"، ما الذي يمكن أن يعنيه فوز العمال وستارمر بالنسبة للأزمة الأوكرانية؟

صرح كير ستارمر عقب فوزه الساحق أمام حشد من مؤيديه: "لقد فعلناها! لقد قمتم بحملة من أجل ذلك، وناضلتم من أجلها، وصوتتم لها، وها قد وصلنا الآن. التغيير يبدأ الآن. وهذا شعور جيد، يجب أن أكون صادقا. أربع سنوات ونصف من العمل لتغيير الحزب، وهذا الهدف الذي سعينا من أجله: حزب عمالي متغير، مستعد لخدمة بلدنا، مستعد لاستعادة بريطانيا لخدمة الشعب العامل".

ومع الإعلان عن أكثر من 635 مقعدا من أصل 650، سيشكل حزب العمال الحكومة المقبلة بأغلبية لا تقل عن 100 مقعد، لتدير الأمة البريطانية ظهرها بقوة أمام حزب المحافظين.

وبرغم أن السير كير ستارمر يرفع شعار "التغيير"، ويتطلع إليه في عدد من المجالات، محلية في الأغلب، إلا أن السياسة تجاه روسيا وأوكرانيا لن تكون من بين ذلك، وعلى عكس ما حدث ومرشح للحدوث في فرنسا، إلا أن سياسة حزب العمال تجاه أوكرانيا، فيما يتضح من بيان حزب العمال أو من التصريحات الرسمية من فريق كير ستارمر أو من وزير خارجيته المحتمل ديفيد لامي، لن تتغير.

أي أنه من المحتمل أن ننتظر من ستارمر زيارة إلى كييف في غضون ساعات من توليه منصبه، حاملا معه التعهد بتقديم فروض المساعدات والولاء والدعم المتواصل غير المنقوص. فقد أصبحت الصورة التذكارية مع الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته، لا سيما على خلفية معالم كييف من بين مسوغات التعيين.

من المتوقع كذلك أنه لن يكون هناك أي تغيير، على الأقل على المدى القصير، في علاقات المملكة المتحدة مع روسيا، والتي يمكن وصفها بالسيئة كما كانت في أي وقت مضى. وكان هناك تدهور جديد في شهر مايو الماضي، عندما اتهمت بريطانيا روسيا بالترتيب لإشعال حريق في شركة مملوكة لأوكرانيا بالعاصمة لندن، وطردت الملحق العسكري باعتباره "عميل استخبارات غير معلن" (برغم وجوده في منصبه 10 سنوات قبل هذا التاريخ!)، وألغت الوضع الدبلوماسي لعدد من المباني المملوكة أو المستأجرة من قبل روسيا، وتلا ذلك، كما هو متوقع، رد فعل متبادل من جانب روسيا.

تعني حالة هذه العلاقات المتردية بشكل عام أنه ليس لدى بريطانيا الكثير لتخسره بقيادتها الجهود الدولية لمزيد من العقوبات ضد روسيا، لا سيما أن بريطانيا لديها أقل روابط تجارية في مجال الطاقة وغيرها مقارنة بدول أخرى.

ربما يصبح استخدام الأصول الروسية، والذي كان موضوعا لكثير من الضغوط، من المجالات التي قد يكون فيها تغيير في سياسة المملكة المتحدة، برغم أن المصالح الوطنية والقيود القانونية لن تتغير، لا سيما أن كلا من رئيس الوزراء ووزير الخارجية المرتقبين يتمتعان بخلفية قانونية قد تترك الاعتراضات البريطانية قائمة.

لكن، وفي الوقت نفسه، وبتقديم حزب العمال نفسه باعتباره "مسؤولا ماليا"، ستواجه الحكومة المقبلة فاتورة إعادة إعمار أوكرانيا، أو حتى مواصلة القتال، ومهما كانت مصادرة الأصول الروسية من بين كروت اللعب، فإن هذا أيضا لن يكون كافيا، ليواجه ستارمر اختيارا صعبا بين أولوياته الداخلية وأوكرانيا، وبينما كان بوريس جونسون يبيع رواية أن "البريطانيين يدفعون أسعارا أعلى للوقود بينما يدفع الأوكرانيون دماءهم"، اليوم وبعد مرور عامين، وفي ظل الوضع الراهن في ساحة العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، ترى هل يستطيع ستارمر أن يحل هذه المعضلة؟

ستكون تلك الأسئلة حادة بشكل خاص أمام حكومة ستارمر التي لا تتمتع بأي خبرة حديثة في السلطة، وتنتهج سياسة خارجية تحمل عنوان "الواقعية التقدمية"، وربما لا تزال تراودها أحلام/أوهام بوريس جونسون بأن أوكرانيا "يمكن أن تنتصر"، سيتعين حينئذ على السير كير ستارمر الكثير التراجع إذا ثبت خطأ جونسون.

ولكن على المدى القصير فإن الرسالة التي ستوجهها الحكومة الجديدة بشأن روسيا وأوكرانيا ستكون بالتأكيد "لا تغيير" بعكس شعارها المرفوع، وستظل العلاقة من الطرف المقابل (روسيا) بنفس درجة الافتقار شبه الكامل للاهتمام السياسي والإعلامي بما يحدث في بريطانيا. والانتخابات البريطانية من هذا المنظور ستعد الأولى من سلسلة انتخابات حاسمة في الدول الديمقراطية التي يبدو أنه من غير المرجح أن تضعف وجهة نظر إدارة بايدن المتنازع عليها بشكل متزايد، والتي تقول إن "نجاح أوكرانيا ضد روسيا مصلحة وطنية حيوية للولايات المتحدة".

محمد صالح

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا