وجاء في المقال الذي شارك في كتابته ثلاثة صحفيين هم جون بول راثبون من لندن وسام جونز من جنيف وكورتني ويفر من برلين أن روسيا أعادت ما أطلق عليه الصحفيون "حرب التجسس مع الغرب" بقوة، فيما كان نشر المكالمة الهاتفية لكبار ضباط القوات الجوية الألمانية "مثالا مرعبا" على ذلك.
وتعليقا على ذلك قال أحد ضباط الاستخبارات الغربية: "لقد عادت لعبة القط والفأر إلى مستويات الحرب الباردة أو حتى أعلى مما كانت عليه آنذاك"، فيما قال مسؤول آخر: "إن الاستخبارات الروسية آلة ضخمة، وقد عادت لتفعل ما كانت تفعله دائما".
وسردت الجريدة عددا مما أطلقت عليهم "شبكات التجسس الروسية" في بريطانيا وفرنسا والاشتباه في أحد أعضاء البرلمان الأوروبي من لاتفيا، إلى جانب حادث العثور على الطيار العسكري الروسي المنشق ميتا في إسبانيا، فيما كان جسده مليئا بالرصاص.
لكن المحادثة الهاتفية التي تم تسريبها نهاية الأسبوع الماضي، وفقا للجريدة، مثلت "الانقلاب الدعائي الأكثر انفجارا لموسكو" حتى الآن فيما أسمته "الحرب الهجينة المستمرة ضد الغرب". وتابعت الجريدة: "إن التصعيد الواضح في العمليات الاستخبارية التي يقودها الكرملين يمثل ثقة جديدة بين أسياد التجسس في روسيا بعد النكسات المهينة التي واجهوها في أوائل عام 2022".
وتدعي الجريدة أن العواصم الأوروبية "طردت 600 دبلوماسي روسي، يعتقد أن حوالي 400 منهم كانوا جواسيسا" إلى جانب "الكشف عن عدد من العملاء الذين يعملون لدى الروس"، ومنذ ذلك الحين، تزعم الجريدة أن "أجهزة الاستخبارات الرئيسية في روسيا: الاستخبارات العسكرية GRU، وجهاز الأمن الفيدرالي FSB، ووكالة الاستخبارات الخارجية SVR، قامت بإعادة تنظيم صفوفها وتجديد أدوات التجسس الخاصة بها لتحسين فرصة العمليات العسكرية التقليدية الروسية".
وترى الجريدة أن "أقطاب التجسس الروس عززوا قواعدهم خارج منطقة شنغن التي يسمح فيها بالحركة بحرية بلا جوازات سفر، حيث يقدر مسؤول استخباراتي غربي أن "ما يقرب من ثلثي العمليات الاستخبارية الروسية في جميع أنحاء القارة الأوروبية تدار من (مراكز آمنة) في فيينا وجنيف"، وإضافة إلى ذلك، أصبحت تركيا والإمارات العربية المتحدة في الشرق الأوسط "نقاط انطلاق مهمة لعمليات الاستخبارات الروسية في أوروبا".
إلا أن رئيس MI6 (الاستخبارات البريطانية) ريتشارد مور قال العام الماضي: "هناك العديد من الروس اليوم الذين يشعرون بالفزع بصمت، وبابنا مفتوح دائما".
لكن، وفي الوقت نفسه، والحديث لـ "فاينانشال تايمز"، ربما يكون طرد الدبلوماسيين الروس قد جعل مكافحة الاستخبارات أكثر صعوبة، حيث كانت الوكالات الغربية تعرف في السابق أي الدبلوماسيين هم جواسيس، ويمكنها تتبع من التقوا بهم وربما تجنيدهم.
وتابع أحد العملاء الغربيين بهذا الشأن: "يمكنك دعوتهم إلى المنزل، وتناول المشروبات، وتقديمهم للعائلة، وجعلهم يدركون طبيعتك الإنسانية، وتنمي ثقتهم بك. كان ذلك أمرا أساسيا".
وقد كثفت الوكالات الغربية، منذ بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، تعاونها حيث قامت ببناء شبكة من قواعد البيانات والاتصالات للقبض على "العملاء الروس"، وعلى الرغم من ذلك تحقق آلة الاستخبارات الروسية، في بعض الأحيان، نجاحات مذهلة، كما فعلت في الهجوم السيبراني Solar Winds عام 2021، في اختراق أنظمة البنتاغون، أو في حالة التسريب الألماني الأخير.
وختم الصحفيون الغربيون مقال "فاينانشال تايمز" بمقولة أحد ضباط المخابرات: "إن الروس أغبياء للغاية، إلا أنهم يستطيعون في الوقت نفسه القيام ببعض العمليات المعقدة للغاية، والتي تعتبر رائعة للغاية من الناحية الاستخباراتية".
المصدر: فاينانشال تايمز