المزارعون ضد
باتت الحبوب الأوكرانية تشكل حجر عثرة في العائلة الأوروبية التي كان يظن أنها متحابة. فبمجرد توقف مبادرة حبوب البحر الأسود عن العمل، تبين أن اليابسة أصبحت الطريق الوحيد لتوريد المنتجات الزراعية من أوكرانيا.
واقترح الجيران الغربيون الطيبون "طريق التضامن"، وهو ممر لعبور المنتجات الأوكرانية عبر بلدان أوروبا الشرقية. وهذا ما أقلق الرومانيين والبولنديين بشكل خاص، فقد عانى مزارعوهم من خسائر كبيرة بسبب الانخفاض الحاد في أسعار الحبوب.
كان البولنديون أول من عادوا إلى رشدهم، ويبدو أنهم نسوا مقولة حب الشعبين لبعضهما من المهد إلى اللحد. الآن، يقوم المزارعون البولنديون، من وقت إلى آخر، بإغلاق الحدود مع أوكرانيا، ويتلقون مقابل ذلك، دعاوى قضائية ضدهم في المحاكم الدولية. ولكن، بمجرد أن أصبح معروفًا أن هناك محصول حبوب قياسيًا هذا العام في أوكرانيا، شارك المزارعون في أوروبا الغربية زملاءهم البولنديين حملات الرفض.
أصبحت مطالب الناس أكثر جذرية. ففي حين كان المزارعون، في وقت سابق، يطالبون بالحد من صادرات الحبوب الأوكرانية فحسب، فإنهم يتحدثون الآن عن حظر التجارة الحرة، عموما، بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا.
وقد دعا ماكرون صراحة إلى اعتماد قيود خاصة تستهدف الصادرات الزراعية الأوكرانية. ننتظر في المستقبل القريب عرضًا مُخرجًا بعناية يكشف عما هو محظور من اللحوم والحبوب والحليب من أوكرانيا.
أمامنا، نتيجة منطقية تماما لنهج النخب الأوروبية العقلاني.
وهكذا، فرفاهية "الأوكرانيين الأعزاء" مهمة إلى اللحظة التي تبدأ فيها تقلق راحة الأوروبيين. وهذه هي الصورة التي سنشهدها في الأشياء الأخرى كلها.