مباشر

فيلم RT "ذهاب وعودة" يرصد ما هو أعمق من 80 عاما على العلاقات الدبلوماسية بين روسيا ومصر

تابعوا RT على
أطلقت RT Arabic بالتعاون مع السفارة الروسية لدى مصر العرض الأول لفيلمها الوثائقي "ذهاب وعودة"، الذي تحتفي فيه بالذكرى الثمانين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين موسكو والقاهرة.

وقد حضر العرض الأول للفيلم في المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، مساء أمس الثلاثاء 6 فبراير، السفير الروسي بالقاهرة غيورغي بوريسينكو، ونائب وزير الخارجية المصري خالد عمارة، ومديرة RT Arabic مايا مناع، وحشد من نجوم الإعلام المصري.

ويرصد الفيلم، الذي كتبته أنيسة مراد وأخرجه كريم نجيب ووضع موسيقاه أحمد ومحمد صالح، التغيرات التي طرأت على مصر، خلال 50 عاما، منذ حرب أكتوبر عام 1973، وحتى اليوم من خلال حكاية بطله المترجم السوفيتي/الروسي فيكتور ياكوشيف، الذي يروي لنا قصته الشخصية منذ ذهابه إلى القاهرة 1971، وعودته 2023، فيكشف بذلك مدى عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، ومراحل تطورها، إلى أن وصلت إلى ما نحن عليه اليوم، بينما تعاود روسيا دعم قطاع الطاقة في مصر من خلال محطة الضبعة النووية التي يتم إنشاؤها الآن في منطقة العلمين على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والتي لفت السفير الروسي بوريسينكو النظر إلى التوازي بينها وبين السد العالي في أسوان. وتتشابه المواقف السياسية اليوم بين البلدين فيما يخص القضية الفلسطينية، ورفض العدوان الإسرائيلي على غزة.

يحكي الفيلم عن ذلك الزمن البعيد منذ أكثر من 50 عاما، حينما وصل الملازم الثاني والمترجم السوفيتي فيكتور ياكوشيف إلى مطار القاهرة الدولي في 17 أغسطس 1971، وكانت حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل على أشدها.

بعد نكسة يونيو 1967، التف الشعب المصري حول الزعيم جمال عبد الناصر لمحو آثار الهزيمة، ووقف الاتحاد السوفيتي إلى جانب القضية العادلة للشعب العربي لاسترداد الأرض والعزة والكرامة، فساعد المصريين في بناء حائط الصواريخ، وزوّدهم بكل احتياجاتهم من الأسلحة والخبراء السوفيت وحتى المقاتلين من طيارين وجنود وغيرهم.

في تلك الآونة كان فيكتور ياكوشيف يقوم بعمله مترجماً بين ضباط الجيش المصري والخبراء العسكريين السوفيت، في مهمة حساسة يعتمد عليها ليس فقط مصير الحرب بين مصر وإسرائيل، وإنما مستقبل منطقة الشرق الأوسط برمتها.

بالتوازي، كان الاتحاد السوفيتي يؤسس لقاعدة صناعية ضخمة تتمثل في مجمع حلوان لصناعة الصلب، ومصنع نجع حمادي للألومنيوم، ولقاعدة ثقافية متمثلة في الخبراء السوفيت الذين قدموا إلى مصر للعمل بأكاديمية الفنون المصرية، في مجالات الموسيقى والباليه والفنون الشعبية وفن العرائس وغيرها.

يدور الحديث هنا عن صداقة وشراكة متينة نلمحها في استقبال اللواء أحمد المنصوري، الذي لقبه الإسرائيليون بـ "الطيار المجنون"، والمشارك في بطولة فيلم "ذهاب وعودة" لزميله الروسي فيكتور ياكوشيف بنبرة صوت شديدة المودة والحب "حبيبي يا عم الشاب فيكتور".. إنه يقول "الشاب"، فدماء الشباب لا زالت تجري في عروق المنصوري وياكوشيف، والحلم لا زال، وسيظل يراودهم. إنه جيل البطولات والإنجازات، فالمنصوري من أوائل المشاركين في أول أسراب الطيران في حرب الاستنزاف ثم حرب أكتوبر، وصاحب أطول معركة جوية بطائرات "ميغ-21"، وزميله فيكتور كان همزة الوصل بين الخبراء السوفيت وزملائهم المصريين.

يقول المنصوري إن صواريخ العدو "لم تكن تفرّق بين الخبير الروسي أو الضابط المصري"، وهذا ما يطلق عليه "رفقاء السلاح"، حيث يتابع: "كنا نموت معاً"، حينما تذكر ياكوشيف أسماء النقباء الذين استشهدوا في 30 يوليو بأول اشتباك مع القوات الجوية الإسرائيلية: "أنا حتى حافظ أساميهم، وهم جورافليوف ويورتشينكو وياكوفليف. كلهم برتبة نقيب".

ينتقل بنا الفيلم الوثائقي "ذهاب وعودة" إلى الأهرامات، وإلى الإسكندرية، ويلتقي طالبين أحدهما مصري والآخر روسي، يدرس كلاهما لغة الآخر، ونلمح في المركز الثقافي أو البيت الروسي بالإسكندرية، الذي يتميز إلى جانب عراقة المكان وتاريخه الغني، بحياة ثقافية وفنية شديدة الثراء بين الموسيقى والباليه وأدب اللغة الروسية وغيرها من الأنشطة الثقافية والاجتماعية المختلفة.

يعرج الفيلم كذلك على مشهد الأهرامات المهيبة، بينما يقول ياكوشيف إنه لم يزر الأهرامات من قبل إلا لماماً نظرا لانشغاله حينما كان يعمل مترجما، ونظرا لظروف الحرب التي كان جزءا منها. الآن يرى ياكوشيف مصر بوصفها "متحفا كبيرا".

يطرح الفيلم رؤية شاعرية لواقع سياسي يتحرك بديناميكية متسارعة نحو عالم متعدد الأقطاب، فمصر لم تعد مصر التي زارها فيكتور ياكوشيف منذ 50 عاما، ومنطقة الشرق الأوسط، والصراع العربي الإسرائيلي تعقد وتشابكت فيه المصالح والتوجهات السياسية، وظهرت منظمة "بريكس" التي أصبحت مصر عضوا فيها، منذ يناير 2024، فيما يسعى البلدان للتحول إلى التجارة البينية بالعملات الوطنية، في تقارب روسي مصري واضح يعكس آفاق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

وقد أكدت وزارة الصناعة والتجارة الروسية دعمها الكامل لمشروع المنطقة الصناعية الروسية شرق بورسعيد، بتكلفة وقدرها 6.9 مليار دولار، وعلى مساحة 5.2 كلم مربع، والذي يعد من أهم مشروعات التعاون بين القاهرة وموسكو، وقد جاء بناء على مقترح من الرئيس السيسي خلال زيارته لسوتشي الروسية في أغسطس 2014. وتم التوقيع على اتفاقية تمتد 50 عاما، تجدد تلقائيا كل 5 سنوات، في 2018، وستجذب هذه المنطقة استثمارات بقيمة 7 مليارات دولار، وسيتم إنشاء المنطقة على 3 مراحل، تبلغ تكلفة المرحلة الأولى 190 مليون دولار. ويتيح هذا المشروع 35 ألف فرصة عمل، فيما تشمل القطاعات التصنيعية داخل المنطقة الصناعية الروسية صناعة السيارات والأدوية والمعدات والبترول والغاز والكابلات وصناعة السكك الحديدية والصناعات التعدينية والطاقة النووية، حيث يرغب الجانب الروسي في إنشاء شركات متخصصة في خدمات وتموين السفن المارة بقافلتي الشمال والجنوب لقناة السويس، سيتم تمويل المشروعات المزمع إنشاؤها في المنطقة عن طريق الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة وعدد من البنوك المصرية.

أما محطة الضبعة النووية، التي تضم 4 مفاعلات نووية تبنيها "روس آتوم" الروسية، بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط (قدرة السد العالي 2100 ميغاواط للمقارنة)، فقد دشن الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والمصري عبد الفتاح السيسي بدء صب خراسانات المفاعل الرابع والأخير، ومن المتوقع أن يبدأ عمل المفاعل الأول عام 2028.

وعلى الرغم من أن تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين مصر وروسيا/الاتحاد السوفيتي يعود إلى 80 عاما، إلا أن العلاقات بين الشعبين الروسي والمصري تعود إلى أكثر من ذلك بكثير، فتاريخ العلاقات بين بطريركية الإسكندرية ونظيرتها في موسكو يعود إلى بداية القرن السادس عشر، حيث كانت بداية العصر العثماني فترة تميزت بتكثيف الاتصالات، وعملت الدولة الروسية كراعية للشرق الأرثوذكسي، وقدمت مساعدات مالية كبيرة للمؤمنين في البلقان وفلسطين، وتوجه رهبان سيناء للمرة الأولى إلى موسكو للحصول على الدعم في عام 1517. وفي عام 1571 تلقت الإسكندرية صدقات القيصر إيفان "الرهيب" إلى بطريركية الإسكندرية لإحياء ذكرى أرواح زوجته أناستاسيا رومانوفا وشقيق القيصر.

وبحلول منتصف القرن السابع عشر، تم إنشاء اتصالات وثيقة بين الشرق الأرثوذكسي وروسيا، حيث توافد الحجاج والتجار والسائحون الروس إلى الشرق، بما في ذلك إلى مصر، وتم تبادل الهدايا بين البلدين، ومن بينها بعض تماثيل "أبو الهول" الماثلة حتى يومنا هذا في مدينة بطرسبورغ، ويعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر.

المصدر: RT

 

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا