وإميلي ميليكين هي نائبة الرئيس وكبيرة المحللين في شركة Askari Defense & Intelligence, LLC ومقرها أرلينغتون بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
وترى ميليكن في المقال أن "الحوثيين ربما يستهدفون الكابلات البحرية الحيوية، ما يشير إلى تهديد متزايد يمكن أن يعطل الاتصالات الدولية والاقتصاد العالمي على نحو خطير".
وتعتبر ميليكن أن "الحوثيين انتعشوا بعد الغارات الجوية الأمريكية والبريطانية المتعاقبة، والتي استهدفت القدرات الهجومية للجماعة المسلحة. وعلى الرغم من العمليات الغربية المشتركة، التي سعت إلى إضعاف قدرة الحوثيين على تهديد حركة المرور البحرية في البحر الأحمر، إلا أنهم استمروا في ضرب السفن التجارية قبالة سواحل اليمن في الأسابيع الأخيرة. ومع ذلك، وإذا استمر القتال، فقد تقوم الجماعة بتعديل استراتيجيتها لمعالجة هدف جديد، وربما أكثر أهمية: شبكة كابلات الاتصالات تحت البحر، والتي تربط مضيق باب المندب".
تصاعد موجة الصراع
وتستند كاتبة المقال في تقييمها للوضع إلى خريطة زعمت أن "قناة "تليغرام" مرتبطة بالحوثيين نشرتها وتوضح شبكات كابلات الاتصالات البحرية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربي،" وأن هذه القناة "أرفقت الصورة برسالة مشؤومة: "هناك خرائط للكابلات الدولية التي تربط جميع مناطق العالم عبر البحر. ويبدو أن اليمن في موقع استراتيجي، حيث تمر بالقرب منه خطوط الإنترنت التي تربط قارات بأكملها وليس الدول فحسب".
وترى ميليكن أن "البيان رغم أنه لم يحدد هدفا، إلا أن التهديد يتزامن مع الحملة العسكرية الأكثر عدوانية التي شنها الحوثيون ضد السفن في البحر الأحمر. ومنذ منتصف أكتوبر الماضي، أطلقت الجماعة أكثر من 100 طائرة مسيرة وصاروخ على السفن التي تمر عبر باب المندب، الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن. وكانت الهجمات مدمرة للغاية لدرجة أن شركة شحن كبرى واحدة على الأقل "ميرسك"، أعلنت تعليقها للشحن عبر البحر الأحمر وقناة السويس "حتى إشعار آخر". ويجب بدلا من ذلك أن تبحر السفن حول إفريقيا، ما يزيد بشكل كبير من أوقات العبور وتكاليف الشحن، ويكاد يكون من المؤكد أن هذه التكاليف سوف تنتقل إلى المستهلكين، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار مجموعة متنوعة من السلع في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من أن مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى أكدوا أنهم لم يلاحظوا أي ارتفاع للأسعار بعد بسبب الانسداد، إلا أن الأزمة دفعت الولايات المتحدة في نهاية المطاف إلى إنشاء قوة عمل بحرية دولية جديدة تركز على وقف هجمات الجماعة".
وتضيف:" برغم استعراض القوة هذا، لا يبدو أن الحوثيين لديهم أي نية لوقف هجماتهم، حيث هددت الجماعة، أوائل ديسمبر الماضي، بمهاجمة أي سفن تعبر البحر الأحمر إلى إسرائيل، بغض النظر عن جنسيتها. وفي الأسابيع التي تلت ذلك، هاجموا السفن المحايدة، ووعدوا بمواصلة ذلك طالما ظلت القوات الإسرائيلية نشطة في غزة".
وزعمت ميليكن أنه "مع تهديد حرب غزة بالتصعيد في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تعرضت كابلات الاتصالات الممتدة تحت البحر الأحمر لتدقيق متزايد من الحوثيين وحلفائهم. وقد أصدر كل من "حزب الله" اللبناني وغيره من المجموعات المدعومة من إيران في العراق بياناتهم الخاصة التي تشير إلى تفكيرهم في قطع الكابلات، وهي خطوة من شأنها أن تمثل تطورا جديدا في الصراع الإقليمي".
قطع الكابلات
يعتبر عدد من الأشخاص، سواء في الشرق الأوسط أو في جميع أنحاء العالم بشكل عام، وسائل الراحة الحديثة التي توفرها الكابلات البحرية أمرا مسلما مفروغا منه. وفي القرن الحادي والعشرين، تعمل هذه الكابلات كواحدة من أهم البنى التحتية الرقمية في العالم، حيث تخدم أكثر من 95% من تدفقات البيانات والاتصالات الدولية، بما في ذلك ما يقدر بنحو 10 تريليون دولار من المعاملات المالية كل يوم. وحتى الأضرار الجزئية التي لحقت بالكابلات البحرية يمكن أن تؤدي إلى منع الوصول إلى الإنترنت عبر مناطق شاسعة، ما يتسبب في اضطرابات اقتصادية كبيرة لبلدان بأكملها.
والأكثر إثارة للقلق بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة وحلفاء واشنطن هو أن إتلاف هذه الكابلات قد يؤدي إلى قطع الاتصالات العسكرية أو الحكومية. فالكابلات هي الجهاز الوحيد الذي يتمتع بعرض نطاق ترددي كاف لاستيعاب تيرابايت من بيانات أجهزة الاستشعار العسكرية التي توفر المعلومات للعمليات الجارية. وفي السنوات المقبلة، مع تطور تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، سوف تتزايد كمية البيانات المطلوبة لدعم العمليات العسكرية المتقدمة.
ويقف اليمن عند منعطف حرج بالنسبة لهذه الكابلات، وبقدر ما يعمل باب المندب كنقطة تفتيش لحركة المرور البحرية فوق الأمواج، إلا أن هذه المنطقة هي واحدة من ثلاث نقاط اختناق للكابلات في العالم، فيما تشكل تهديدات هذه البنية التحتية مصدر قلق خاص للقوى العظمى مثل الصين والولايات المتحدة، الذين يتنافسون بالفعل للسيطرة على شبكة الكابلات، وفق كاتبة المقال.
هدف سهل؟
توقل ميليكن :" لقد ظلت هذه الكابلات، حتى الآن، آمنة بسبب التأخر التكنولوجي بالنسبة للحوثيين وليس بسبب الافتقار إلى الحافز، وحتى الآن، خاضت الجماعة المسلحة في المقام الأول حربا برية ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وحلفائها السعوديين والإماراتيين. وبالتالي فلم يطوروا أبدا قوة بحرية أو وحدة بحرية مدربة تدريبا عاليا، وبينما حافظ الحوثيون على القدرة على مضايقة الشحن السطحي من خلال الصواريخ وزوارق الهجوم السريعة، فإنهم يفتقرون إلى الغواصات اللازمة للوصول إلى الكابلات، ولكن، مع توفر الوقت والفرصة الكافية، قد يتمكن الحوثيون من تكييف بعض تكتيكاتهم البحرية لاستهداف البنية التحتية الحيوية للاتصالات، بينما تقلل مياه الخليج الضحلة، التي يصل عمقها إلى 100 متر فقط، من الحاجة إلى غواصات عالية التقنية لإنجاز المهمة"
وتستشهد ميليكن بحادثة قالت إنها وقعت عام 2013، "حينما ألقي القبض على ثلاثة غواصين في مصر لمحاولتهم قطع كابل تحت البحر، يوفر الكثير من سعة الإنترنت بين أوروبا ومصر، بالقرب من الإسكندرية"، "ما يسلط الضوء على احتمال قيام مسلحين دون معدات خاصة أو تدريب بتنفيذ مهمة مماثلة. ويمكن للحوثيين، ممن خضعوا لتدريب الغواصين القتاليين، استخدام طريقة مماثلة للهجوم، ولديهم ترسانة من الألغام البحرية التي يمكنهم بها إتلاف الكابلات".
باختصار، وفي حين أن الحوثيين يشكلون، منذ فترة طويلة، تهديدا لحركة الملاحة البحرية الدولية، تؤكد السلسلة الأخيرة من الهجمات الشرسة المتزايدة للحوثيين عزم الجماعة على لعب دور أكبر في المنطقة للمضي قدما. ويمكن أن تكون شبكة كابلات الاتصالات الحيوية تحت الماء هدفا مثاليا سهلا لهجومهم القادم.
المصدر: منتدى الخليج الدولي