يشير الكاتب في مقاله إلى أنه عندما اندلع الصراع الروسي الأوكراني في فبراير 2022، كان المزاج العام في واشنطن شبه احتفالي.
"بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وبعد 8 سنوات من رفض الوقوع في الفخ الذي نصبته ثورة الألوان المدعومة من واشنطن عام 2014 في كييف، ابتلع الكرملين أخيرا الطعم، فيما اعتقدت الولايات المتحدة أن الاقتصاد الروسي سيدمر بفعل العقوبات ويتحول الروبل إلى ركام. إلا أن هناك مشكلة واحدة فقط، هو أن شيئا من هذا لم يحدث".
ويتابع الكاتب أن موسكو نجت من العقوبات على نحو أفضل بكثير من دول أوروبا الغربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، والتي جفت اقتصاداتها دون واردات الطاقة الروسية. لم يستنفد الصراع الجيش الروسي بقدر ما استنفد مخزون الأسلحة والذخيرة من الغرب لأوكرانيا. في غضون ذلك، أكد قادة روسيا والصين التزامهم المشترك بعالم متعدد الأقطاب.
"بينما تصر القوى في واشنطن على أن الصراع يسير بشكل عظيم، وأوكرانيا تنتصر! والعقوبات تعمل! سوف يزداد الإنتاج الصناعي العسكري بشكل سحري في أي يوم الآن! بدأ الأمريكيون يلاحظون ببطء أن الأمر ليس كذلك.
وأعلن روبرت فرانسيس كينيدي الصغير، خلال إعلانه عن ترشحه للرئاسة الأسبوع الماضي، أنه ليس من المصلحة الوطنية الأمريكية دفع روسيا إلى الاقتراب من الصين. هذه كارثة. كما أشار إلى ان الصينيين توسطوا للتو في اتفاق سلام بين إيران والمملكة العربية السعودية، واستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط انهارت تماما، وكذلك سوف ينهار اقتصادنا إذا لم نفعل شيئا وبسرعة".
ويشير الكاتب إلى حجة مماثلة في مجلة The American Thinker وصف فيها المؤلفان باتريشيا آدامز ولورانس سولومون العقوبات المفروضة على روسيا بأنها "أخطر سوء تقدير في التاريخ الحديث"، وينوه الكاتب إلى أن هنري كيسنجر، في عام 1972، سعى إلى تخفيف وطأة هزيمة الولايات المتحدة الأمريكية في فيتنام من خلال إقامة علاقات مع الصين، واستغلال الانقسام بين بكين وموسكو. وعلى مدى الخمسين عاما القادمة، ستكون سياسة الولايات المتحدة هي منع أي شيء يشبه التحالف بين الصين وروسيا.
ووفقا للكاتب، مع ذلك، ومع تقدم عام 2022، بذلت واشنطن قصارى جهدها لاستعداء بكين، حيث أعلن عدد من السياسيين أن جزيرة تايوان هي أوكرانيا أخرى، في حاجة إلى أسلحة غربية ضد غزو صيني مزعوم.
"يبدو أحد التفسيرات المحتملة هو أن مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية تتكون الآن بشكل أساسي من أتباع زبغنيو بريجسنكي، وليس كيسنجر. حيث كتب برجينسكي، عام 1997، دليلا للهيمنة الأمريكية على العالم بعنوان The Grand Chessboard، يركز على السيطرة على أوكرانيا كوسيلة لمنع عودة روسيا.
ويدعي بريجسنكي الفضل في زوال الاتحاد السوفيتي، بحجة أن خطته لعام 1979 لدعم المسلحين الإسلاميين في أفغانستان كانت تهدف إلى إطلاق غزو سوفيتي ومنح موسكو فيتنام الخاصة بها. وحتى لو اشترى المرء هذا الادعاء بعيد المنال والمفيد، فلا جدال في أن رد الفعل الناجم عن هذه السياسة كان هجمات الحادي عشر من سبتمبر، والحرب التي استمرت 20 عاما على الإرهاب في أفغانستان والعراق، والتي انتهى بها الأمر إلى نزيف الولايات المتحدة".
وينهي الكاتب مقاله بأن هذا كله يعيد إلى الأذهان قليلا من الحكمة القديمة، وفقا لما سجله هيرودوت، بأن الملك كروسوس من ليديا طلب من وسيط الوحي في دلفي الإغريقية المشورة بشأن الذهاب إلى الحرب. فقيل له إنه سيدمر إمبراطورية عظيمة، فأعلن الحرب على قورش الكبير عظيم فارس وخسر. فتحققت النبوءة بطريقة ما: دمر كروسوس امبراطوريته هو.
المصدر: Global Times