مباشر

لماذا زار بايدن أوكرانيا؟

تابعوا RT على
كانت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أوكرانيا فارغة بما فيه الكفاية من حيث المحتوى، ما أثار بعض النكات بأن بايدن جاء ببساطة لوضع علامة برائحته على المنطقة التي يعتبرها ملكا له.

كذلك قامت ضجة كبيرة في الصحافة التي يسيطر عليها الديمقراطيون حول الزيارة "التاريخية"، حتى أن المرء ليعتقد أن المهمة الرئيسية لهذه الزيارة كانت داخلية: لدعم بايدن في صراعه من أجل زعامة الحزب الديمقراطي، وضد الجمهوريين عشية الحملة الرئاسية. على أي حال، كانت حملة دعائية مشكوك في نجاحها. فبعد "أشهر من التخطيط السري"، الضروري فيما يبدو، حتى يزحف بايدن عبر الحدود البولندية الأوكرانية بين الألغام وعبر الأسلاك الشائكة وتحت وابل الرصاص والصواريخ الروسية، كان على واشنطن أن تطلب الإذن من الروس للزيارة، وأن تخبر الصحافة بذلك.

لكن الأوكرانيين، من الواضح، لم يكونوا على علم بهذا الأمر، ومن أجل تحقيق أكبر تأثير ممكن، قاموا بتشغيل صافرات الإنذار في الوقت الذي خرج فيه بايدن وزيلينسكي من المفاوضات إلى الشارع مع الصحفيين والكاميرات. كانت لقطات جميلة، فيما بدا بايدن بطوليا، يسير في الشارع على صوت صافرات الإنذار، على الرغم من أنه لم يكن في خطر.

إلا أن المهرج زيلينسكي في منصب الرئيس ليس الشيء الوحيد الذي يجعل كل الأخبار القادمة من أوكرانيا تقريبا مضحكة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، وبصرف النظر عن هذا الزيلينسكي، كان المسؤول الوحيد الذي التقى به بايدن خلال الزيارة هو رئيس الكنيسة الأوكرانية المنشقّة أبيفانيوس. وهي كنيسة تم إنشاؤها قبل بضع سنوات من خلال اندماج عدد من الكنائس الانشقاقية التي انفصلت عن بطريركية موسكو في أوقات مختلفة. وقد حصل رئيس إحدى هذه الكنائس، فيلاريت، على وعد بالسيادة على بقية الكنائس، لكنه تعرّض للخداع، وانتقاما منه قام بمنح الرئيس السابق للعمليات السرية ونائب رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA، جاك ديفان، وساما لمساعدته في توحيد الكنائس الانشقاقية في كنيسة واحدة، ليوضح للعالم كله من كان يقف وراء هذه القصة. لا يمكننا إنكار روح الدعابة لدى فيلاريت.

ومع ذلك، فليس كل ما يتعلق ببايدن و/أو زيلينسكي مضحكا.

فقد كانت الزيارة بالطبع علامة واضحة على تصعيد هائل، فيما تدخل الأطراف المتحاربة، أي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، مرحلة يصبح فيها التمديد المفرط للنزاع غير مقبول من وجهة نظر السياسة الداخلية بدرجات متفاوتة لكلا الطرفين.

ففي كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفي روسيا ستجري انتخابات رئاسية في عام 2024، وهناك نقص متزايد في الأسلحة لكل الأطراف. وبالنسبة للجانبين، تزداد المشاكل الاقتصادية حدة مع كل شهر يمضي، ويحتاج الطرفان بشكل قاطع للنصر ومن غير المقبول الإبقاء على الوضع الراهن.

لكن جو بايدن، في نفس الوقت، في وضع أسوء، حيث استنفدت أوكرانيا مواردها، ولمواصلة الحرب، بل والأكثر من ذلك لتحقيق نقطة تحول لصالحها، تحتاج الولايات المتحدة الأمريكية إلى إشراك دول أوروبا الشرقية الأخرى، وعلى رأسها بولندا.

تلك القضية سيتم مناقشتها خلال زيارة بايدن إلى وارسو، ولكن، وإلى ذلك الحين، يتعين بطريقة ما إجبار أوكرانيا على الاستمرار في التضحية بنفسها ومواصلة الحرب حتى اللحظة التي تتمكن فيها واشنطن من إيجاد مزيد من القوات.

لقد أعطى الغرب أوكرانيا فعليا كل الأسلحة التي بوسعه. لكن ذلك لم يكن كافيا، بينما تعاني أوكرانيا من خسائر فادحة، ومن الهزيمة على الجبهة. لذلك، يجب أن تغرس زيارة بايدن الثقة في النصر لدى الأوكرانيين. لن يكفي ذلك لفترة طويلة، لكنه لربما سيساعد الأوكرانيين على قبول الموت بسهولة أكبر...

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا