في رأيي المتواضع، سيزداد الوضع سوءا بكل تأكيد.
دائما ما كنت ولا زلت متشككا بشأن مستقبل إسرائيل، "أرض الميعاد"، والصهيونية، والمواقف الأيديولوجية المشابهة، التي تعد حافزا أقل قوة للغالبية العظمى من الناس من الرغبة في العيش الهادئ بسلام وأمان.
ولا شك أن المقاومة المستمرة للشعب الفلسطيني، حتى ولو اتخذت في بعض الأحيان شكل الإرهاب غير المبرر ضد المواطنين اليهود العاديين في إسرائيل، وكذلك المواجهة المتصاعدة بشكل دوري على حدود إسرائيل والهجمات الصاروخية، تجعل الحياة في إسرائيل أقل راحة وأمانا مقارنة بالحياة في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا. لذلك، فليس من المستغرب أن اليهود العائدين من بلدان ثالثة أصبحوا ينظرون إلى إسرائيل على أنها نقطة في الطريق إلى رحلتهم إلى الولايات المتحدة أو أوروبا، فيما تتزايد هجرة اليهود من إسرائيل إلى دول أخرى.
في الوقت نفسه، تتراجع الهجرة اليهودية إلى إسرائيل، مع تزايد نسبة المهاجرين غير اليهود، بينما يواصل الفلسطينيون الاستخدام الفعال لسلاحهم الرئيسي: النمو الديموغرافي، والذي لا يمكن إيقافه حتى بالأسلحة النووية.
وعاجلا أو آجلا، ستواجه إسرائيل خيارا بين أن تصبح سلميا دولة فلسطينية، أو أن تقلص وتدمر المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل من خلال الإبادة الجماعية أو التطهير العرقي.
وكان من الصعب على المرء تصديق حقيقة الخيار الثاني حتى وقت قريب، إلا أن العالم قد تغير، ولم يعد الآن من الممكن اعتبار هذا الاحتمال مستحيلا.
ولم يكن اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل سوى الخطوة الأولى على هذا الطريق. علاوة على ذلك، من الجدير بالذكر، أن ذلك لا يعود فقط لتطرف الولايات المتحدة، ولكن أيضا لاستعداد إسرائيل للتخلي عن أي قيود في طريق رغبتها لتحقيق أقصى استفادة من الوضع.
ما يحدث الآن في الغرب حول روسيا والروس يفتح هو الآخر حقبة جديدة في التاريخ.
فقد تم حظر الروس كأمة من قبل الغرب، وتم تحديد مسار لتدميرهم ومحوهم من التاريخ. وفي أوروبا، يتم القبض الآن على أشخاص لمجرد ارتدائهم قميصا يحمل العلم الروسي، ومصادرة ممتلكات روسية بشكل غير قانوني، وحظر اللغة الروسية، وحذف دوستويفسكي وكل ما يتعلق بروسيا من المناهج في المدارس والجامعات.
لقد كشف الغرب عن طبيعته الحيوانية الحقيقية، ووحدهم الحمقى الحقيقيون لا زالوا يعتقدون أن القيم والمبادئ الديمقراطية المعلنة يتم تطبيقها فعليا في الغرب.
إن الإبادة الجماعية للهنود الحمر، والاستعمار الأشد قسوة، والقصف النووي الأمريكي لهيروشيما وناغازاكي بمن فيهم من السكان المدنيين ليس استثناء، وإنما هي حضارة أوروبا الغربية مع فروعها النازية بالأساس، وفي لحظات حاسمة من التاريخ، تلقي تلك الحضارة بقناع الإنسانية، وتدمر أمما بأكملها. الآن تحل هذه الحقبة، التي سيتعين على البشرية فيها مواجهة الذئب الغربي، الذي اتخذ بالفعل شكل الوحش.
ولن تكون روسيا أو الروس وحدهم من يعد الغرب لهم دور الضحية.
فقد واجهت صربيا هذا بالفعل، والتي تضطر للاعتراف بنزع جزء من أراضيها. قريبا، سيواجه الصينيون ذلك، ومن يعرف، كم من الشعوب الأخرى سيكون عليها أن تواجه نفس المصير.
أعتقد أن الفلسطينيين لديهم أيضا فرصة جيدة للانضمام إلى هذه القائمة، ولدى إسرائيل نافذة زمنية قد تمتد نحو 10 سنوات تستطيع فيها أن تحل مشكلة النسبة المتزايدة من الفلسطينيين بين سكانها بالقوة.
علاوة على ذلك، يمكن إدراج مسلمي أوروبا على هذه القائمة. ففي الغرب، لا يمكنك الاحتجاج ضد المثليين وجماعات الـ LGBT، لكن بإمكانك حرق القرآن، وستوفر الشرطة لك الحماية إذا كنت تريد القيام بذلك.
ولم يكن لحرق المصحف للوهلة الأولى أي سبب. فالسويد لديها مشكلات مع تركيا وليس مع المسلمين، إلا أن المجتمع الأوروبي يرى الصراع مع تركيا، بشكل لا شعوري، كجزء من صراعه ضد النسبة المتزايدة من المسلمين في أوروبا، فيما تتزايد حدة هذا النضال، وتتجسد على هذا النحو، من بين أمور أخرى.
كذلك أصبح النظام الأوكراني نازيا علنا لأسباب موضوعية، حيث أن النازيين هم الجزء الأكثر حماسا في معاداة روسيا داخل المجتمع الأوكراني، ويتطلب الصراع في حدوده القصوى تحويل المجتمع بأكمله إلى مجتمع نازي، من أجل تعظيم دوافعه.
يحدث الشيء نفسه في أوروبا، حيث تزداد شعبية الأحزاب اليمينية لأسباب موضوعية أيضا، حيث تواجه أوروبا نفس المعضلة التي تواجهها إسرائيل: إما أن تصبح عربية/من أصول إفريقية في غضون عقدين أو ثلاث أو أربع عقود أو خسارة الأغلبية من قبل السكان المسنين بأي حال، أو الإبادة الجماعية للمكون الإسلامي المتنامي.
لا داعي للاندهاش من هذا، فغالبا ما كانت الهجرات الكبيرة في التاريخ مصحوبة بعمليات إبادة جماعية، وكقاعدة عامة، انتصرت القبائل القادمة من الخارج.
تشهد إفريقيا والمنطقة العربية انفجارا سكانيا وسط نقص في الموارد. وسوف يتناثر جزء من سكان هذه المناطق حتما على شكل هجرات. وليس لهؤلاء الناس أي مكان يذهبون إليه باستثناء أوروبا، التي ستصبح ساحة المعركة.
لذلك سنشهد في العقود القادمة عددا من حالات الإبادة الجماعية. لم يتضح بعد ما إذا ما كان العرب والمسلمون سيبيدون الأوروبيين واليهود أم العكس.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف