مباشر

الاستنتاج الرئيسي لهجمات البنية التحتية الأوكرانية: بوتين أصبح طبيبا نفسيا

تابعوا RT على
باختصار، لم يحدث شيء تقريبا، لكن كثيرا من الأمور قد تغيرت.

كان للعمل الإرهابي الأوكراني ضد جسر القرم تأثير نفسي في المقام الأول. ففي واقع الأمر لم تتضرر خطوط السكك الحديدية على الجسر بصورة جادة، وتم تدمير حارتين من الحارات الأربعة لطريق السيارات على الجسر، سيتم ترميمها في غضون شهر أو شهر ونصف الشهر. الجسر لا زال يعمل.

إلا أن الجسر هو رمز إعادة توحيد الأراضي الروسية، ووقعت الضربة حينما كان المجتمع الروسي على وشك الانهيار العصبي بسبب سلسلة من الإخفاقات على الجبهة، فضلا عن عدم وجود ردود أفعال واضحة من قيادة البلاد. بعد ضربة الجسر، أصبح الوضع في روسيا بالطبع معرضا للانفجار.

في الوقت نفسه، انتابت المجتمع الغربي والأوكراني حالة من النشوة، بسبب الشيء نفسه: سلسلة من النجاحات المحلية للجيش الأوكراني، والشعور الزائف بالإفلات من العقاب، إلى جانب الثقة المتزايدة بأن روسيا لن تجرؤ على ذلك، الرد على التصعيد.

وبالمثل، فمن غير المرجح الآن أن تؤدي الضربات الصاروخية الروسية إلى توقف الطاقة الأوكرانية عن العمل لفترة طويلة. واسمحوا لي بهذا الصدد أن أذكركم كيف هاجمت القوات الروسية بالفعل محطة كهرباء خاركوف، منتصف سبتمبر الماضي، وانقطعت الكهرباء في المدينة لبضعة أيام فقط. ثم أصدر بوتين بعد ذلك، ولأول مرة، تحذيرا إلى زيلينسكي بشأن أفعاله ضد المنشآت المدنية الروسية. لذلك أعتقد أن بعض صواريخ كروز ذات الشحنة الصغيرة نسبيا يمكن أن تدمر الأسلاك الكهربائية وعددا من المحولات، لكن من غير المحتمل أن تتمكن من تدمير أو تعطيل محطة طاقة تتكون من عدة وحدات طاقة بشكل دائم، هنا نحتاج إلى طائرات قاذفة.

وتمثل محطات الطاقة المستهدفة حوالي ثلث قدرة توليد الطاقة المتبقية في أوكرانيا، إلا أنه من غير المحتمل أن تكون قد دمرت، وسوف يعمل معظمها في غضون أسابيع قليلة بشكل أو بآخر. قد تواجه أوكرانيا انخفاضا في إنتاج الطاقة، وسيكون هناك أثر بطبيعة الحال، إلا أن الحديث لا يدور عن انهيار اقتصادي، ناهيك عن كارثة إنسانية.

كان ذلك الإجراء هو إجراء عرضي لمرة واحدة، وليس تدميرا منهجيا للبنية التحتية الحيوية.

فلاديمير بوتين، مرة أخرى، يحذر زيلينسكي، وإن كان مستوى التحذير هذه المرة أعلى قليلا.

لكن الحالة النفسية لجميع الأطراف تبدلت جراء الضربات إلى النقيض، فاطمأن المجتمع الروسي، وعاد إليه الشعور بالثقة في النصر. من ناحية أخرى، أصيب الأوكرانيون بالذعر، واندفعوا إلى المتاجر يفرغونها، ويشترون السخانات ومولدات الكهرباء.

ربما انعكست الضربات على زيلينسكي أسوأ من الجميع، حيث أحجم موظفو الإدارة الأمريكية في البيت الأبيض عن إيقاظ الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بسبب قصف أوكرانيا. وفقط بحلول نهاية اليوم، كان الرئيس الأمريكي قادرا على إجبار نفسه على التحدث إلى زيلينسكي عبر الهاتف، ولكن حتى ذلك الحديث اقتصر على كلمات الدعم وتكرار الوعود لزيلينسكي بتزويده بأنظمة الدفاع الجوي (أسلحة دفاعية).

على الرغم من أنه حتى قبل الضربات، كان حديث زيلينسكي يدور حول الضربات الوقائية النووية من قبل الغرب ضد روسيا، لكنه الآن كان يأمل في إنشاء تحالف دولي والمشاركة الفورية لـ "الناتو" في الحرب مع روسيا.

بشكل عام، لا يزال رد فعل واشنطن على الأحداث ردا محافظا.

الآن، وبحلول الخريف، ومع بدء الأمطار في الهطول بأوكرانيا، تتحول الأرض أكثر فأكثر إلى قوام هلامي، يصعب معه عبور الدبابات، ولم يتبق لأوكرانيا سوى أسبوع أو أسبوعين لمواصلة الهجوم. ربما سيؤثر انقطاع التيار الكهربائي على الخدمات اللوجستية ويبطئ أو يلغي التقدم الإضافي، ثم تستقر الجبهة لعدة أشهر، ويقوم الجيش الروسي فعليا بالهجوم التالي، بعد وصول الاحتياط.

ومع ذلك، يبدو لي هدف بوتين الرئيسي هو تغيير الحالة النفسية لجميع أطراف النزاع، دون تصعيد عسكري خطير، وهكذا فقد تحقق الهدف، بينما يواصل بوتين، على ما يبدو، اتباع خطة خاصة به، والتي لا يفهمها أحد.

في مقال سابق، طرحت رأيا بأنه من المفيد لروسيا إطالة أمد الصراع، بينما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية، على العكس من ذلك، تسريع تقدم روسيا على سلم التصعيد. لقد وضع بوتين قدمه على المستوى التالي، دون أن يتخذ خطوة فعلية، ولم تتغير أساليب الحرب بعد.

تستمر لعبة الشطرنج، إلا أن واشنطن، وحتى بعد أن حققت النقطتين الأوليين من برنامجها (توريط روسيا في حرب مع أوكرانيا، وأوروبا في حرب مع روسيا)، لا تسيطر على اللعبة فيما يبدو لي. بل أظن أن بوتين هو من يتحكم في العملية.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا