مباشر

هل نرى إيلون ماسك خلف قضبان السجن؟

تابعوا RT على
أعلن إيلون ماسك، في رسالة مسرّبة أرسلها إلى موظفيه، عن إفلاس محتمل لشركة "سبيس إكس" SpaceX.

وفقاً لماسك، ونظراً لوجود مشكلات أكثر خطورة في تطوير محرك "رابتور" Raptor، فقد لا توفر الشركة ما يغطي عدد عمليات إطلاق الصواريخ، بمعدل مرتين شهرياً، في العام المقبل، ما سيؤدي إلى إفلاسها.

أود الإشارة هنا إلى أن "سبيس إكس" لا زالت تعجز عن إنتاج محركات مماثلة لمحركات الصواريخ السوفيتية والروسية القائمة على التكنولوجيا السوفيتية التي تعود لثمانينيات القرن الماضي.

بعد تسريب الرسالة، قال ماسك إن الإفلاس وارد إذا ما أدّت الأزمة الاقتصادية الحادة إلى عدم توفّر قروض جديدة.

أود التذكير هنا بأن مشاريع ماسك الرئيسية، "تسلا" و"سبيس إكس"، غير مربحة، وتقوم استدامتها بشكل أساسي بفضل الدعم الحكومي (على سبيل المثال تحقق "تسلا" أرباحاً فقط بفضل بيع ما يسمى بأرصدة ثاني أكسيد الكربون لشركات أخرى، أي حصص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تمنحها الدولة لها)، والقدرة على زيادة الديون إلى ما لا نهاية بنسبة صغيرة. بشكل عام، فإن شركات ماسك تمثل أهراماً مالية.

وأصبحت الأخيرة، بدورها، ممكنة بسبب حقيقة أن الاحتياطي الفدرالي يطبع دولارات غير مغطاة، ويضخّها في الاقتصاد بأسعار فائدة قريبة من الصفر. ومع ذلك، وبسبب التضخم المتسارع، يخطط الاحتياطي الفدرالي لإنهاء الجولة الحالية من التسهيل الكمّي بحلول منتصف العام المقبل.

على هذه الخلفية، بدأ إيلون ماسك تدريجياً في التخلص من أسهم شركاته، حيث قام في 12 نوفمبر الماضي ببيع 1.2 مليون من أسهمه في شركة "تسلا"، بأكثر من 1.2 مليار دولار.

فهل يعد ذلك المسلك احتيالاً؟ رسمياً لا. لأنه لا يفعل أي شيء لا يفعله الجميع في ظل الاقتصاد الأمريكي والغربي بأكمله. فمعظم الشركات الأمريكية والغربية لديها ديون ضخمة، وسوف يشهر كثيرون إفلاسهم إذا ارتفعت أسعار الفائدة، والوصول إلى قروض جديدة كان محدوداً.

علاوة على ذلك، ومن حيث المبدأ، فإن المعلومات حول الحالة المالية لشركات ماسك والاقتصاد الأمريكي متاحة للمستثمرين، ولا أحد يجبرهم على استثمار الأموال هناك.

بالطبع يعد إيلون ماسك عبقرياً في مجال الإعلان والتسويق، ويعتمد نجاحه بشكل أساسي على الحيل الإعلانية الرائعة.

إلا أن حقيقة نمو أسهم شركات ماسك بسرعة فائقة، على الرغم من عدم ربحيتها، ليس بسبب خطأ منه أو من أنشطته بشكل كبير.

لماذا؟

لأن وضع الاقتصاد الأمريكي مريع، فلم يعد رأس المال والاستثمارات مربحة لفترة طويلة، ومنذ بداية عام 2021، أصبح الوضع كارثياً. بلغ معدل التضخم 6.2% بحلول أكتوبر، وهو أعلى بعدة مرات من معدل الودائع المصرفية في الولايات المتحدة الأمريكية، وأعلى بكثير من معدل الرهون العقارية والقروض التجارية. رأس المال لا يحقق ربحاً، بل على العكس من ذلك، يتبخّر، وهو ما يقضي على النظام المالي، وإذا لم يتغيّر الوضع، فسوف يؤدي ذلك إلى هروب هائل من الدولار، وانهيار الولايات المتحدة الأمريكية.

ومن بين الآثار الجانبية لهذا الوضع، إعادة توجيه جميع المستثمرين، إلى سوق الأوراق المالية، الوحيد الذي يستمر في النمو، ويخلق مظهراً للربح. اندفعت جميع رؤوس الأموال إلى سوق الأسهم، بينما تنمو تلك السوق مؤقتاً، ومع ذلك، فلن يتمكن المستثمرون من جني هذا الربح من السوق، لأن بيع ولو حتى جزء صغير من المستثمرين أسهمهم سيؤدي إلى انهيار السوق.

نتيجة لذلك، تضخمت فقاعة بحجم خرافي في أسواق الأسهم العالمية، وتشكّل هرم مالي ضخم سينهار إذا ما، أو بالأحرى حينما يتوقف تدفق الأموال الجديدة.

في غضون ذلك، يتعيّن على مجلس الاحتياطي الفدرالي القيام بشيء ما على وجه السرعة لخفض التضخم، وقبل كل شيء، يجب أن يتوقف عن طباعة الدولارات غير المغطاة، قبل أن يبدأ المستثمرون في الهروب من سندات الدين الأمريكية والأصول المقوّمة بالدولار. وهذا يعني أن القروض الجديدة يجب أن تجفّ، وهو ما يخشاه ماسك.

بشكل عام إذا ما، أو بالأحرى عندما يحدث ذلك، فلن تفلس "تسلا" و"سبيس إكس" وحدهما، وإنما الاقتصاد الأمريكي والغربي بالكامل.

حينها، سيبحث المستثمرون عن الدم. ويخاطر إيلون ماسك، عبقري زمانه، ورمز العصر، بأن يصبح أحد الأهداف الرئيسية لحشود الغاضبين، ممن فقدوا كل شيء في سياق الانهيار المالي.

ربما لن تكون عبقريته كافية لتجنب مصير كبش الفداء، إلا أنه وكما رأينا، قد بدأ بحكمة في تحويل أسهمه إلى نقد. تبقى فقط أن يكون لديه وقت "للنزوح" إلى المريخ قبل انهيار أسواق الأسهم...

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا