وفي ملف السياسة الخارجية، طرح بوتين موضوعين فقط، في حين لم يعر اهتماماً كبيراً للعقوبات الغربية المفروضة على روسيا، ولم يقل كلمة واحدة بشأن أوكرانيا.
حدث ذلك، جزئياً، بسبب أن الكرة الآن في ملعب الغرب، وخلافاً لردها التقليدي المقيّد، ردّت روسيا بقسوة على الحزمة الأخيرة من العقوبات الأمريكية، وطرد دبلوماسيين روس من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبولندا والتشيك، ليصبح الدور الآن في لعبة التصعيد على الغرب. وليس من المفيد هنا توضيح الموقف بالتفصيل.
في الوقت نفسه، لدي شعور شخصي، بأن بوتين لم يعد يرى أي جدوى من مواصلة محاولاته المستمرة منذ سنوات لنقل موقفه للغرب، وإقناع/إجبار الغرب على الحوار والتوصل إلى حلول وسط.
إن أولوية روسيا الراهنة هي التنمية الداخلية للبلاد، والمهمة الرئيسية لسياسة بوتين الخارجية هي ضمان عدم قدرة القوى الخارجية على التدخل في هذه العملية، وهذا ما يتم تنفيذه. وكان الرئيس الروسي قد صرح مراراً من قبل أن روسيا لا تسعى إلى التوسع، وأن قواتها المسلحة تضمن توفير أمن البلاد على نحو موثوق، لهذا يتم تخفيض الموازنة العسكرية، وتوجيه جميع الطاقات نحو التنمية الاقتصادية. وهذا النهج مستمر.
وعلى الرغم من التلميحات غير المباشرة، إلا أن بوتين اتهم الغرب بالتورط في محاولة انقلاب في بيلاروس، من خلال اغتيال مخطط للرئيس لوكاشينكو. ومن بين أمور أخرى، وجه بوتين اللوم للولايات المتحدة لرفضها إبرام ميثاق عدم اعتداء من خلال الهجمات الإلكترونية. ومع ذلك، فلم يكن هذا بمثابة دعوة لتعديل المسار بقدر ما كانت مجرد إعلان عن الدرجة التي وصلت إليها عدوانية الغرب، الذي لم يعد بوتين ينتظر منه أي مواقف معقولة.
لقد قرر بوتين إرسال إشارة واحدة فقط إلى الغرب، ورداً غيابياً للرئيس ماكرون، الذي اقترح مؤخراً إنشاء خطوط حمراء لروسيا. قال بوتين إنه إذا قرر الغرب أو دول منفردة حرق الجسور في علاقاته مع روسيا، فستكون روسيا قادرة على الرد بسرعة وبقسوة. فروسيا، وفقاً لبوتين، مستعدة لاتخاذ كافة القرارات والإجراءات الضرورية، لكنها في الوقت نفسه تأمل في أن يظل لدى الغرب ما يكفي من العقلانية كي لا يتجاوز الخطوط الحمراء حيث تراها روسيا مناسبة.
وعلاوة على ذلك فقد أعطت عبارة بوتين "إن منظمي الاستفزازات ضد المصالح الرئيسية لروسيا سوف يندمون عليها كما لم يندمون على شيء من قبل" فهماً تقريبياً لأماكن هذه الخطوط الحمراء، وموقع روسيا حينما تكون مستعدة لضبط النفس. أعتقد أن أوكرانيا، بدون شك، هي أحد أكثر هذه الخطوط الحمراء وضوحاً وسمكاً.
عدا ذلك احتلت القضايا الداخلية ما يقرب من 7/8 من وقت رسائل الرئيس للجمعية الفدرالية.
بالطبع، تأثرت الخطط الاقتصادية التي أعلن عنها الرئيس بوتين في وقت سابق بجائحة فيروس كورونا، ولكن في مارس من هذا العام، وعلى الرغم من الجائحة وفوقها العقوبات الغربية، فقد تجاوز اقتصاد البلاد للمرة الأولى مؤشرات ما قبل الأزمة، بنسبة 0.5% مقارنة بشهر مارس من العام الماضي. وهذا يسمح لنا بالعودة إلى أجندة التنمية. كذلك أعلن بوتين عن مزيد من إجراءات التشجيع لرواد الأعمال وتحسين مناخ الأعمال في البلاد.
ومن بين أمور أخرى، أعلن بوتين عن تسهيلات في نظام تأشيرات الدخول إلى روسيا بعد الجائحة، حيث سوف يتمكن المواطنون من معظم دول العالم، بموجب هذه التسهيلات، الحصول على التأشيرة الإلكترونية على شبكة الإنترنت، للدخول إلى روسيا في غضون 4 أيام فقط.
تم تخصيص جزء كبير من الرسالة للمزايا الاجتماعية. وبناء على التدابير المقترحة، ستركز المساعدة الحكومية بشكل متزايد على الأطفال، وستكون مرتبطة بهم ومتناسبة مع تعدادهم في الأسرة. كذلك تهدف التحسينات المقترحة إلى تحسين الوضع الديموغرافي في البلاد، كما ستضمن السلطات عدم ترك السكان الأكثر تضرّراً من الجائحة دون مساعدة.
خلاصة القول إنه وبغض النظر عما يفعله الغرب، فسيظل مسار روسيا كما هو. سنمضي نحو التنمية والتطور.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف