1- تحوّل العالم تقريباً إلى معسكر اعتقال إلكتروني. فقد رأينا جميعاً السرعة والكفاءة التي تمكنت بها شبكات التواصل الاجتماعي الأمريكية عزل أي شخص عن بقية المجتمع. ونحن نعلم، بفضل إدوارد سنودن، أن أجهزة المخابرات الأمريكية تعرف عنّا كل كبيرة وصغيرة. وها هي اللحظة تقترب عندما تتمكن الحكومات في كل حركة لأي شخص ما وتقيّدها ما شاءت، بل إن الأسوأ من ذلك، أن يقوم بذلك الشركات الخاصة لا الحكومات المنتخبة. إذا لم تكن قد شاهدت المسلسل التلفزيوني البريطاني "بلاك ميرور"، أنصحك بمشاهدته، فهو يجسّد المستقبل الذي أصبح على مقربة منك.
2- الجهود المبذولة لخفض عدد سكان العالم. لقد أدرك المليون الماسي أو النخبة العالمية الحاكمة أنه مع زيادة عدد السكان على كوكب الأرض، فإن الموارد لن تكفي للحفاظ على نفس المكانة ونوعية الحياة الحالية لتلك النخبة لفترة طويلة. من هنا نرى فرضاً قسرياً على القيم المعادية للمجتمع من قبل أنصار العولمة، مثل قيم المثليين ومزدوجي الهوية الجنسية والمتحولين جنسياً LGBT، وتدمير قيم الأسرة، وشرعنة المخدرات. في رأيي أن كل ذلك مصمم لخدمة هدف الحد من سكان العالم على حساب الطبقات الأفقر والأقل حظاً من التعليم والفكر وبالتالي الأكثر عرضة لتغلغل هذه الدعاية.
3- كذلك يبدو أمثال غريتا تونبرغ، وأنصار الاقتصاد الأخضر ومن على شاكلتهم، بمثابة محاولة لإيجاد مبرر أخلاقي للحد من استهلاك الطبقات الأفقر في المجتمع.
لقد وافق الاتحاد الأوروبي، منتصف يناير الجاري، على استهلاك الديدان الطحلبية Mealworm، بحيث يمكن الآن إضافتها إلى أي منتجات غذائية مصنّعة في الاتحاد الأوروبي.
لقد أصبحت معدلات السمنة في الولايات المتحدة الأمريكية مخيفة، لأن الطعام الأمريكي بالفعل يشبه علف الحيوانات، فهو مليء بجميع أنواع الهرمونات والأصباغ والمواد الحافظة والمضادات الحيوية. ومثل هذه الأطعمة عالية السعرات الحرارية وغير صحية. والانتقال إلى بروتين الديدان الطحلبية ليس سوى الخطوة التالية في هذا الاتجاه، ولا أظن أنها الخطوة الأخيرة. قريباً، ربما سنأكل كتلاً من البروتين بنكهات مختلفة مثل المتمردين في فيلم "ماتريكس". حيث سوف يتم استهداف خفض معيشة سكان العالم.
4- إن إصدار أموال غير مغطاة من قبل البنوك المركزية الغربية هو أمر لا يصدق، وبكميات غير مسبوقة في التاريخ. واقعياً، ليست تلك مجرد محاولة لإنقاذ الاقتصادات الغربية من الانهيار فحسب، بل هي أيضاً آلية لإعادة توزيع الممتلكات، والتي كتبت عنها بمزيد من التفصيل في مقال سابق. حيث تستخدم أكبر صناديق الاستثمار والبنوك، المالكة لنظام الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، هذه الأموال، التي تأتي من الفراغ، في شراء جميع الممتلكات في الولايات المتحدة والعالم. وفي نهاية هذه العملية، قبل انهيار الاقتصاد العالمي، ستتركز أفضل أصول العالم، ثروة البشرية جمعاء، في أيدي حفنة من "العائلات" المالية.
5- أليس من المفاجئ أن نرى داخل الحزب الديمقراطي الأمريكي اتحاداً بين أنصار العولمة أي الإمبراطوريات المالية (الرأسمالية) وبين يساريين متطرفين، وهم من يتوقع منهم أن يكونوا، نظرياً، ضد الرأسمالية؟
هناك أمر واحد يجمعهم وهو تدمير الدولة.
فقد تجاوزت الإمبراطوريات المالية مستوى الدولة القومية، وهي بطبيعتها عالمية. "غوغل"، "فيسبوك"، بنك "غولدمان ساكس" وغيرها. لا يهم البلد الذي يحققون فيه الربح، وإنما المهم هو حجم الربح. كان هذا، بالمناسبة، هو تناقضهم الرئيسي مع ترامب، الذي كان يحاول جاهداً إعادة الصناعة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والذي كان من شأنه أن يعيد إحياء القوة الصناعية للولايات المتحدة، لكنه سيقلل من أرباح تلك الشركات العالمية. تريد الشركات العالمية تدمير الدول من أجل السيطرة على العالم بنفسها.
ونحن نرى كيف بدأت الإدارة الجديدة للرئيس الأمريكي، جو بايدن، بهمة ونشاط تنفيذ أجندة العولمة، بما في ذلك على مستوى المشهد العالمي.
كل هذه النقاط، بطبيعة الحال، تعدّ من المحرمات بالنسبة لوسائل الإعلام الغربية والمحللين الرئيسيين من التيار العام.
لذلك كان من المدهش أن نستمع إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بينما أثار كل هذه القضايا في خطابه أمام منتدى دافوس قبل أيام قليلة.
ولن أعيد سرد الخطاب بأكمله، فقد تحدث بوتين حول كل هذه النقاط تقريباً، وأعتقد أن المهتمين بإمكانهم الاستماع إلى بوتين بأنفسهم على موقع RT الإلكتروني.
لكني أود لفت الانتباه إلى نقطة واحدة في خطابه. أشار بوتين إلى توافقه مع رؤية أن العالم على شفا حرب كبرى، كما كان الوضع في ثلاثينيات القرن الماضي عشية الحرب العالمية الثانية، وأنا أتفق مع ذلك. فالأزمة الداخلية للغرب هي الدافع لتصدير عدم الاستقرار. والبحث عن عدو كشماعة لتعليق المسؤولية عليه هو أمر محفوف بالتصعيد غير المنضبط، الذي يمكن أن يعيق التنمية البشرية.
لإعادة صياغة كلمات بوتين قليلاً، بإمكاننا القول إن رسالته كانت على النحو التالي: إن الغرب يحتضر، ويشكل في معاناته خطراً على الآخرين. نتمنى أن تكون الأسلحة النووية كافية لإبعاد الولايات المتحدة الأمريكية عن المغامرات، لأننا مستعدون للرد الكامل والشامل وستكون تلك نهاية الحضارة على الأرض. ومع ذلك، فإن الوقت والتاريخ في صفّنا، وهذه رؤيتنا نحن في روسيا للعالم، والذي يجب أن يبنى وسيبنى على حطام ما بعد الولايات المتحدة الأمريكية، كعالم أكثر عدلاً واستقراراً. ونحن على استعداد لمناقشة كيف يمكننا بناء نظام عالمي جديد معاً، فقد حان الوقت لذلك.