وحسب تقرير "نيويورك تايمز"، فإن الصومال خلال السنتين الأخيرتين تحول إلى "ساحة للمعركة" للإمارات وقطر، اللتين "توردان الأسلحة أو تقدمان التدريب العسكري للفصائل المفضلة وتبادلتا الاتهامات بتقديم رشاوى للمسؤولين المحليين وتنافستا على العقود لإدارة الموانئ أو استثمار الثروات الطبيعية".
وذكرت الصحيفة أنها حصلت على تسجيل لاتصال هاتفي بين السفير القطري في الصومال ورجل أعمال قريب من أمير قطر، وأن الأخير تحدث عن تنفيذ مسلحين لتفجير في مدينة بوساسو من أجل تفعيل مصالح قطر من خلال إخراج خصمها الإمارات العربية المتحدة.
وأشارت الصحيفة أن التسجيل جاء على يد وكالة استخبارات أجنبية.
وقالت إن رجل الأعمال القطري خليفة كايد المهندي (Khalifa Kayed al-Muhanadi) قال في الاتصال الهاتفي بتاريخ 18مايو، أي بعد أسبوع من التفجير في بوساسو، إن الهدف من وراء التفجير كان إجبار "رجال من دبي" على المغادرة لكي لا يتمكنوا من تجديد العقود، ولكي تحصل الدوحة على تلك العقود.
ولفتت "نيويورك تايمز" في تقريرها إلى أن السفير القطري لم يعبر عن أي استياء أو احتجاج بشأن دور قطريين في التفجير، فيما وصف رجل الأعمال من وقفوا وراء التفجير بـ "الأصدقاء".
ونقلت "نيويورك تايمز" عن "زاك فيرتين" الدبلوماسي السابق والباحث في معهد بروكينغز، قوله إن "الصومال هو المثال الأوضح على القوة الكامنة لزعزعة الاستقرار التي تسببت بها المواجهة في الخليج... ويرى الخليج هذه الدول بمثابة الوكلاء. وهذا كله متعلق بالسيطرة، ورفع العلم فوق الأرض وتأمين المنطقة والعلاقات قبل ما يقوم خصمك بذلك".
وأشارت الصحيفة إلى أن الصراع على النفوذ في الصومال والقرن الإفريقي هو امتداد للحرب الباردة التي اجتاحت المنطقة منذ بداية الربيع العربي قبل أكثر من 8 سنوات، وأن الساحل الصومالي يتيح المنفذ إلى الأسواق النامية بسرعة في المنطقة والتأثير على الطرق البحرية الحيوية التي تربط المنطقة بالخليج.
من جهته نفى مكتب الاتصال القطري تدخل الدوحة في الشؤون الداخلية لدول ذات سيادة، مشيرا إلى أن أي جهة تقوم بذلك لا تمثل الحكومة القطرية.
من جانبه، نفى السفير القطري في الصومال في حديث قصير لـ "نيويورك تايمز" معرفته بالمهندي.
بدوره، قال المهندي في حديث مع "نيويورك تايمز" إن السفير "صديقي من أيام المدرسة"، وهو حاليا متقاعد ويمارس التجارة ولا يمثل حكومة قطر. وردا على سؤال لماذا وصف منفذي الهجوم في بوساسو بالأصدقاء، قال المهندي إن "جميع الصوماليين أصدقائي".
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن تفجير بوساسو لم يكن الهجوم الأول الذي استهدف الإماراتيين، حيث قتل أحد أفراد الإدارة للشركة الإماراتية P&O Ports وأصيب 3 آخرون في فبراير الماضي.
وأعلنت حركة "الشباب" مسؤوليتها عن الهجوم واتهمت الإمارات بـ "احتلال" ميناء بوساسو.
ونفت قطر دعم لحركة "الشباب" أو أي جماعات مسلحة أخرى.
من جهة أخرى، قالت "نيويورك تايمز" إلى أن الإمارات بذلت جهودا كثيفة لنشر نفوذها في القرن الإفريقي، وأرسلت "فرق مرتزقة" وقوات خاصة إلى الصومال منذ 2012 لمكافحة القراصنة ثم اتسعت رقعة عملياتها لتقاتل "الشباب" وجماعات مسلحة أخرى، حسب الصحيفة.
وأقامت الإمارات شبكة من عدة موانئ تجارية وقواعد عسكرية حول خليج عدن والقرن الإفريقي.
وفي أبريل 2018 ضبطت السلطات الصومالية بمطار مقديشو طائرة إماراتية على متنها مبلغ 9.6 مليار دولار. وقال الإماراتيون إن الأموال كانت مخصصة لدفع رواتب الجنود وعناصر الشرطة الصوماليين التي قامت الإمارات بتدريبهم. واتهم الصومال الإمارات بأنها خطط لاستخدام تلك الأموال من أجل "شراء النفوذ" أو زعزعة استقرار البلاد بطرق أخرى.
وعقب ذلك علقت الإمارات تعاونها مع الحكومة المركزية في الصومال، مطالبة بالاعتذار واتهمت قطر وتركيا بالوقوف وراء هذا الموقف، وركزت دعمها وعملياتها على منطقة "صوماليلاند" وولاية بونتلاند التي تضم ميناء بوساسو، حيث أعلنت شركة DP World الإماراتية في عام 2017 أنها وافقت على استثمار 336 مليون دولار فيه بموجب عقد لمدة 30 عاما.
وبعد ذلك تحركت قطر بسرعة للاستفادة من توتر العلاقة بين الحكومة الصومالية مع الإمارات من خلال تدعيم علاقاتها. وفي الشهر الذي أعقب مصادرة الطائرة الإماراتية، قال مسؤولون قطريون لوكالة "رويترز" إنهم يقدمون 385 مليون دولار لدعم البنية التحتية والتعليم والمساعدة الإنسانية إلى الصومال. وفي يناير اللاحق، قالت قطر إنها ستوفر 68 عربة مدرعة لمساعدة الحكومة في محاربة حركة الشباب والمتطرفين.
ورأى تقرير نيويورك تايمز أنه إذا تم تأكيد مل تحدث به رجل الأعمال القطري، المهندي، فأن ذلك شير إلى أن قطر قد تغاضت ضمنيا على الأقل عن هجمات المتطرفين في بوساسو رغم مساعدتها الحكومة الصومالية على محاربة المتطرفين في مقديشو. فيما قال مسؤول سابق في وزارة الدفاع إنه لن يفاجأ إذا كانت قطر تحاول أن تلعب دور الجانبين لصالحها.