وجاء في المقال: رفض الولايات المتحدة الامتثال لأحكام معاهدة الصواريخ القصيرة ومتوسطة المدى ألحق ضررا بالغا بمصالح روسيا الوطنية. ومع ذلك، فقد وجدت موسكو وسيلة للتعويض عن هذا الضرر.
ففي الـ 4 من مارس، أوقف فلاديمير بوتين، بموجب مرسوم رئاسي، التزام روسيا بالمعاهدة. وقد جاء هذا القرار ردا على انسحاب واشنطن منها.
للوهلة الأولى، يبدو أن انسحاب أمريكا من المعاهدة لن يسبب لها ضررا. ففي الواقع، هل لدى روسيا فرصة لتقليص زمن وصول صواريخها إلى قلب أمريكا بنشرها على مقربة من المدن الأمريكية الكبرى؟ لا. فلا يمكن لموسكو نشر الصواريخ في كوبا أو نيكاراغوا أو فنزويلا (لأنها غير مستعدة لحماية مواقع الصواريخ، على الأقل كما حمتها في الأزمة الكاريبية). أما ضد أوروبا فيمكنها فعل ذلك. وقد بات ذلك، بالفعل، مشكلة بالنسبة لواشنطن، بل المشكلة الرئيسية المرتبطة بانسحابها من معاهدة الصواريخ المعنية.
والحقيقة هي أن انسحاب واشنطن تزامن مع تصدع العلاقات عبر الأطلسي. فقد بدأ عدد من الدول الأوروبية (ألمانيا بالدرجة الأولى) الدفاع بنشاط عن مصالحه الوطنية، محاولا مقاومة الضغط الأمريكي علناً.
يفهم فلاديمير بوتين ذلك، ولذلك يتصرف بحذر شديد. يلعب بالحجارة السود، حصرا، لعبة المعاهدة، فلا يبادر إنما يرد فقط على تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية. ولذلك، فالرئيس الروسي، بتعليقه مشاركة روسيا، يعني الاستعداد للعودة إلى الالتزام بها إذا غيرت الولايات المتحدة موقفها وتذكرت أمن العالم كله وأهمية طمأنة أقرب حلفائها في الاتحاد الأوروبي. ولذلك، خاطب فلاديمير بوتين - في رسالته إلى الجمعية الفدرالية - بشكل منفصل الدول الأوروبية، موضحا أن موسكو لن تنشر صواريخها ضد أوروبا إذا لم تقم الأخيرة بنشر الصواريخ الأمريكية على أراضيها. في الواقع، يعمل الكرملين علانية على تعميق الانقسام عبر الأطلسي. وهذا تعويض، وإن كان صغيرا، بالنسبة للمصالح الوطنية الروسية، عن ضرر انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ.