مباشر

أزمات في البرلمان المصري تفضي بنواب إلى المساءلة

تابعوا RT على
لم يمض أكثر من عام وبضعة أسابيع على بدء دورة البرلمان المصري، البالغة خمس سنوات، حتى شهد البرلمان أزمات متلاحقة، نجم عنها إحالة العديد من النواب إلى التحقيق أمام "لجنة القيم".

بعض النواب، مثل النائب السكندري كمال أحمد صدر بحقه عقوبات بالحرمان من حضور جلسات المجلس لدور انعقاد كامل، بسبب تعديه بالحذاء على النائب توفيق عكاشة، الذي التقى السفير الإسرائيلي في القاهرة، ودعا إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل واستغلال علاقتها بأثيوبيا، للتوسط بين القاهرة وأديس أبابا في أزمة بناء سد النهضة.

وآخر الأزمات، التي يشهدها البرلمان المصري، تتعلق بنائبين أثارا جدلا كبيرا تحت قبة البرلمان وخارجه. الأول هو محمد أنور السادات، النائب عن دائرة تلا بمحافظة المنوفية شمال مصر، وهو ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات، حيث سيمثل في الفترة المقبلة أمام لجنة القيم بالبرلمان بعديد من الاتهامات، التي تلاحقه.

ويواجه أنور السادات اتهامات بتسريب مشروع قانون الجمعيات الأهلية إلى عدد من السفارات الأجنبية العاملة بالقاهرة، وخاصة السفارات الأوربية، بالإضافة إلى قيامه بتزوير تواقيع عدد من نواب البرلمان على مشروع قانون للجمعيات الأهلية، مناهض للقانون، الذي أعده عدد من نواب البرلمان يمثلون الأغلبية.

والقضية الأخرى، التي أحيل بسببها السادات إلى التحقيق أمام لجنة القيم، تمثلت فيما أعلنه مؤخرا لوسائل الإعلام من اتهام صارخ إلى رئيس البرلمان وهيئة مكتبه بتبديد المال العام وشراء سيارات فاخرة، منها 3 سيارات بقيمة 18 مليون جنيه مصري، ذلك في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية حادة.

أما النائب الثاني المحال إلى لجنة القيم، فهو إلهامي عجينة، النائب عن محافظة الدقهلية، والذي وجه إهانات بالغة إلى الطالبات المتقدمات للجامعات المصرية، حين دعا إلى وضع شرط لقبولهن في الجامعات، بضرورة إخضاعهن لـ "كشف العذرية"، للحد من ظاهرة الزواج العرفي، وهو ما أثار الرأي العام والأسر والعائلات المصرية، ودعا روابط نسائية وطلابية إلى طلب مساءلته والتحقيق معه لسلوكه غير المسبوق، الذي شكل مساسا مباشرا بسمعة الفتاة المصرية.

وعلى ضوء هذه الاتهامات، من المنتظر أن تبدأ لجنة القيم بمجلس النواب المصري برئاسة المستشار بهاء الدين أبو شقة، رئيس اللجنة التشريعية، تحقيقاتها مع النائبين قريبا، حيث ينتظر أن يتم أولا الاستماع إلى أقوال النائبين، ثم يعقب ذلك إعداد اللجان المنبثقة عن لجنة القيم تقاريرها حول التحقيقات، ومدى ثبوت الاتهامات الموجهة إلى كليهما، والتوصية باتخاذ إجراء عقابي ضدهما في حال ثبوت الاتهامات وإدانتهما، وعقب ذلك ترفع اللجنة توصياتها إلى رئيس المجلس علي عبد العال تمهيدا لعرضها على اللجنة العامة بالبرلمان للمناقشة والتصويت على رأي اللجنة وما خلصت إليه، حيث يحق للمجلس إقرار ما أوصت به اللجنة أو رفضه، كما يحق له التوصية بطرح عقوبة أو إجراء آخر، لم توص به لجنة القيم والتصويت عليه.

وبحسب مصادر برلمانية، فإن اللجنة تنتظر إرسال هيئة مكتب مجلس النواب المستندات والشكاوى الخاصة بواقعة السادات، والتي امتثل للتحقيق فيها أمام هيئة المكتب على خلفية إرسال قانون الجمعيات الأهلية إلى سفارات أجنبية، فيما يواجه النائب أزمة اتهامه لرئيس مجلس النواب بتبديد المال العام وشراء سيارات فاخرة، إذ رأى نواب الغالبية في البرلمان أن هذا الاتهام يسيء إلى المجلس، ويمس بسمعته مساسا مباشرا،، حيث طلب النواب من هيئة مكتب البرلمان بفتح تحقيق موسع في التصريحات، التي أدلى بها السادات، فيما أصدرت الأمانة العامة لمجلس النواب بيانا، أكدت فيه أن تاريخ شراء هذه السيارات يعود إلى ما قبل انعقاد المجلس الحالي، موضحة أن عملية الشراء تمت في عام 2015، حيث قامت إدارة المجلس وقتها، وبناء على طلب وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، المفوض بالإشراف على المجلس في هذا الوقت، بشراء سيارات عوضا عن السيارات المكهنة بنظام الاستبدال لتلبية احتياجات المجلس، وألا مخالفة قانونية أو إداري في الأمر.

وعقب صدور بيان الأمانة العامة لمجلس النواب لتوضيح حقيقة القضية، التي أثارت لغطا واسعا لدى أوساط الرأي العام المصري، تصدى عدد من النواب لمطالبة المجلس بسرعة إحالة النائب السادات للتحقيق. وقال عضو المجلس محمد أبو حامد إن المجلس مطالب باتخاذ إجراء قانوني حاسم ضد السادات بعد محاولته الإساءة إلى المجلس، متهما السادات بأنه في كل مرة يتم إحالته فيها إلى لجنة القيم، أو يقترب التحقيق معه، يحاول أن يصدر بيانات تحريضية ضد البرلمان وضد هيئة المكتب، لافتا إلى أن النائب السادات سبق أن شكا رئيس البرلمان دوليا، فيما لفت النائب مصطفي بكري إلى أن السادات قرر أن يتحدث إلى وسائل الإعلام، ظنا منه أن إثارته هذه القضية ستؤدي إلى شل لجنة القيم عن التحقيق معه في تهمة تسريب قانون الجمعيات، مؤكدا أن السادات يستهدف إثارة الرأي العام والإساءة إلى البرلمان وتشويه صورته، وكذلك إرهاب لجنة القيم حتى لا تتخذ ضده أي إجراء. فيما أوضح النائب حمدي بخيت أن اتهام السادات بالإساءة إلى البرلمان يستدعي فتح تحقيق في قضية السيارات لاستيضاح ما إذا كان السادات مخطئا فيما أدلى به من تصريحات أم لا، لافتا إلى أن الشؤون المالية وميزانية مجلس النواب تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.

هذا، وإن الاتهامات الموجهة إلى العديد من نواب البرلمان المصري متنوعة، بعضها خاص وبعضها يتعلق بالسلوك العام، حيث تم في الآونة الأخيرة معاقبة أسامة شرشر، النائب عن دائرة مدينة السادات بالمنوفية بالحرمان من حضور الجلسات بعد ثبوت قيامه بإرسال فيديو مسيء إلى عدد من النواب على الواتس أب، فيما لا يزال أمر المخرج والنائب خالد يوسف معروضا على لجنة القيم لاتهامه بممارسات شخصية لا تتناسب مع عضو البرلمان يجري تداولها في مقطع فيديو على اليوتيوب.

الاتهامات متعددة والازمات متكررة في ظل حسم واضح للبرلمان بمساءلة كل من يخرج عن حدود وقواعد الممارسة البرلمانية في مجلس النواب المصري.

محمود بكري

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا