ويرى الخبراء أن الموازنة العامة الجديدة التي سترسم مسار عائدات البلاد وإنفاقها في السنوات الـ3 المقبلة، ولن تحدث زيادة تذكر في إجمالي الناتج القومي لروسيا، ولن تحيي طفرة الازدهار التي عايشها الروس قبل الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعيات الأزمات الجيوسياسية وحرب العقوبات الاقتصادية.
موازنة تحرير سعر الصرف
وتتضمن الموازنة الجديدة تراجع العجز من 3,2 إلى 1,2 في المئة، وتستند إلى متوسط سعر النفط بواقع 40 دولارا للبرميل للأعوام 2017 و2018 و2019 ضمنا، وانخفاض سعر صرف الروبل إلى متوسط يتراوح بين 67,5 و71,1 روبل للدولار.
وسوف تتوزع كعكة الميزانية الفدرالية الروسية حسب من أعدوها على نحو يتيح رصد 5,08 تريليون روبل لتمويل السياسة الاجتماعية للبلاد، و2,84 تريليون للدفاع، و2,29 للمشاريع الاقتصادية التنموية، و1,97 تريليون لأغراض الأمن الداخلي.
أما قطاع التعليم الروسي فسوف يتلقى 568 مليار روبل، فيما سيحصل القطاع الصحي على 377 مليارا والثقافة على 94 مليارا.
وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، وفي كلمته أمام أعضاء "الدوما" قال: "سوف نعمل في العام الجديد وانطلاقا من إمكانيات اقتصادنا، على تصحيح مواد الميزانية، كما سنعكف بالدرجة الأولى على توجيه الدعم المالي لرفد برامج التنمية الصناعية بما يشمل حقل الآلات الزراعية والسيارات وغير ذلك من ميادين".
الزبدة أم المدافع
وأجمع الخبراء على أن الميزانية التي تبنتها البلاد مؤخرا لن تتيح تحقيق الأهداف الاقتصادية الاستراتيجية الرامية إلى ترسيخ وتيرة نمو اقتصادي أعلى من متوسط معدل النمو العالمي، معتبرين كذلك، أن الميزانية تتضمن إنفاقا كبيرا على حقلي الرعاية الاجتماعية والدفاع في ظل توظيف متدن في ميدان رأس المال البشري، أي التعليم وخلق فرص عمل جديدة وتنويع البرامج التنموية والتأهيلية.
الدول تزيد إنفاقها لمواجهة هبوط المؤشرات الاقتصادية
وفي تعليق على الميزانية، رحبت يوليا تسيبيايفا الخبيرة في إدارة بحوث الاقتصاد العام لدى مصرف الادخار الروسية "سبيربنك" بتبني "الدوما" الموازنة عشية حلول العام الجديد بلا مماطلة. وقالت: "أرى أن خير الأمور أوسطها وأؤيد الإنفاق العام السخي، إلا أنه لا يمكن تجاهل هدف السلطات الروسية في الحفاظ على التوازن المالي في البلاد. ميزانيتنا للأعوام الـ3 المقبلة متحفظة وتنطلق من 40 دولارا للنفط، فيما ترجح توقعاتنا ألا يقل متوسط النفط عن 50 دولارا للبرميل. لا بد كذلك من ألا نهمل حقيقة تمسك الحكومة بضرورة الحد من اعتماد المنظومة المالية الروسية على عائدات النفط".
الميزانية الجديدة لا تحفز النمو الاقتصادي
ستانيسلاف موراشوف الخبير الاقتصادي لدى "رايفايزينبنك"، اعتبر أن "الميزانية الجديدة لا تهدف إلى حفز الاقتصاد الروسي، وإنما إلى تفادي تفاقم مشكلته، حيث لم تتضمن هذه الميزانية زيادة ملموسة في تمويل القطاعات التي ترفد نمو الاقتصاد الوطني، فيما ترصد زهاء 70 في المئة منها للقضايا الاجتماعية والدفاع"، مشيرا إلى أنه ورغم تحفظه "يدرك حقيقة أنه لم يكن هناك أي مفر أمام الحكومة من قبول ميزانية كهذه".
خطط الحد من الإنفاق حصرت مشروع الميزانية ضمن أطر صارمة
أرسيني محمدوف من مختبر بحوث سياسة الميزانية التابع لأكاديمية الاقتصاد وبناء الدولة، اعتبر أن الميزانية الجديدة صيغت استنادا إلى تنبؤات تتوقع عائدات لا نفطية مبالغ فيها، وإيرادات نفطية أخرى واقعية، الأمر الذي يعرض مصادر دخل الميزانية للخطر.
وأشار إلى أن الميزانية لم تتضمن ترشيد الإنفاق عبر تحقيق التوازن بين تمويل القطاعات المنتجة المتمثلة في رأس المال البشري والبنى التحتية، والقطاعات الأخرى اللامنتجة، الأمر الذي قد يحول، في ظل الحد من قيمة الاستثمارات الحكومية، دون نمو الاقتصاد الروسي بوتيرة منتظمة.
ولفت النظر إلى أن الدعم الاجتماعي بموجب الميزانية الجديدة في روسيا، لا يزال بعيدا عن الحد المطلوب من الدقة في توجيه الرعاية الاجتماعية لمن يستحقونها حصرا دون تعميمها على الجميع بلا استثناء.
وأعاد محمدوف إلى الأذهان في هذا الصدد أن نسبة المعوزين في روسيا سجلت 13,4 في المئة سنة 2015 وبقيت عند معدلاتها لعام 2008 رغم زيادة الإنفاق على الأغراض الاجتماعية بـ220 ضعفا قياسا بالعام المذكور.
المصدر: "لينتا.رو"
صفوان أبو حلا