فما أن انتهى جون كيري من كلمته، التي ألقاها مساء الأربعاء 28/12/2016، والتي أكد فيها المطالبة الأمريكية بوقف الاستيطان الإسرائيلي، حتى جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس التزامه بالسلام العادل خيارا استراتيجيا.
وتلا أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات بيانا باسم الرئيس محمود عباس خلال مؤتمر صحافي، أكد خلاله التزام القيادة الفلسطينية باستئناف المفاوضات إذا وافقت الحكومة الاسرائيلية على وقف النشاطات الاستيطانية وبما يشمل القدس الشرقية، وتنفيذ الاتفاقات الموقعة بشكل متبادل.
وأكد البيان أن الرئيس الفلسطيني على قناعة تامة بإمكان التوصل إلى حل عادل وشامل ودائم على أساس مبادرة السلام العربية والمرجعيات المحددة، وبما يضمن إنهاء الاحتلال بشكل تام يؤدي إلى قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، تعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل.
فيما قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن كيري لم يأت بجديد فيما يتعلق بحل الصراع باستثناء محاولته تمرير "يهودية الدولة" المرفوض فلسطينياً.
وأضاف أن "كيري حاول تلخيص تجربته السابقة وإعادة تقديمها من جديد. لكن أخطر ما في هذا الطرح هو محاولته تمرير يهودية الدولة باعتماده على جزئية في قرار 181، فلا يستطيع أن يكون انتقائياً في تعامله مع قرار 181. فإما أخذه بالكامل أو لا".
وتابع المالكي: "لا يمكننا التعاطي مع هذا الطرح المنتقَص والانتقائي فيما يتعلق بتمرير يهودية الدولة، كما لا يمكننا التعامل مع طرح الترتيبات الأمنية الإسرائيلية واحتياجات إسرائيل الأمنية على حساب الأرض أو الإنسان الفلسطيني".
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فندد برؤية وزير الخارجية الأميركي جون كيري لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، واصفاً إياها بأنها "منحازة".
وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو: "على غرار قرار مجلس الأمن الذي قدمه الوزير كيري إلى الأمم المتحدة، كان خطابه الليلة منحازاً ضد إسرائيل".
وأضاف: "لأكثر من ساعة، تعامل كيري بشكل مهووس مع المستوطنات، وبالكاد تطرق إلى أصل النزاع، معارضة الفلسطينيين دولة يهودية ضمن أي حدود".
المحلل السياسي أيمن يوسف قال لـ RT إن الإدارة الأمريكية الحالية حكمت الولايات المتحدة ثماني سنوات لم تستطع خلالها وضع الخطوط العريضة لحل الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، لتتحرك اليوم "كالبطة العرجاء" وتضع خطة جديدة لدفع عملية التسوية بين الطرفين.
وبيَّن أن ما يقلل من أهمية هذه التصريحات كونها خالية من المضامين والمدلولات الجديدة على الرغم من أنها تأتي في الأيام الأخيرة لإدارة أوباما، وأضاف أن "خطاب كيري لم يأت بجديد، فهو أعاد ذات الدباجة المتعلقة بحل الدولتين ومحاربة الإرهاب وغيرها (...)".
ولفت إلى أن كيري كرر عدة مرات تشديده على يهودية دولة إسرائيل، وأن إدارة أوباما كانت من أكثر الإدارات الأمريكية الداعمة لإسرائيل، وأن "الخطاب وما تضمن من مدلولات كان فضفاضا وضبابيا، خاليا من الأدوات التنفيذية".
وأشار أيمن يوسف إلى أن خطاب كيري هو تمرير للسياسات الأمريكية القديمة القائمة على حل الصراع وليس لإنهائه بشكل جذري ونهائي، وهو تمهيد لدفع الفلسطينيين إلى الخوض في المفاوضات المباشرة.
وقال إن خطاب كيري جاء لوضع الخطوط العريضة للإدارة الأمريكية الجديدة في ظل التخوف من قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمغامرات غير محسوبة النتائج، وخاصة في الشهور الستة الأولى من حكمه.
فيما رأى المحلل السياسي جهاد حرب خلال حديثه لـ RT أن أخطر ما جاء في خطاب كيري هو محاولة تغييب قضية اللاجئين الفلسطينيين وتوطينهم في الدول التي يوجدون فيها أو ترحيلهم إلى دول أخرى ودفع تعويضات لهم عبر مساعدات المجتمع الدولي.
وبيَّن أن كيري "وبخبث سياسي" تبنى المطالب الإسرائيلية المطالبة بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل وفق قرار 181، بينما راعى بعض التوجهات الفلسطينية المطالبة بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967.
وأكد جهاد حرب أن أهم مدلولات الخطاب تمثلت بعدم تحميل الفلسطينيين فشل المفاوضات وانهيار حل الدولتين، وأن "للخطاب إيجابيات لا يمكن إنكارها، ولكنها تحتاج إلى البناء عليها وتطوير توجهات دولية عبر مؤتمر باريس للضغط على إسرائيل لكي تعود إلى الالتزام باتفاقية مدريد 1991 واتفاقية أوسلو".
شذى حماد