وتوجه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بكلمات الشكر إلى جميع المواطنين الروس والقادة الأجانب الذين عزّوا موسكو في مقتل سفيرها بهجوم إرهابي مساء الاثنين 19 ديسمبر/كانون الأول.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وصف الهجوم بأنه استفزاز يستهدف ضرب العلاقات الروسية التركية، فيما أكد نظيره التركي رجب طيب أردوغان أن أولئك الذين يقفون وراء الجريمة لن ينجحوا في تحقيق هدفهم المتمثل في الإضرار بالصداقة الروسية التركية، مشيرا إلى تضامن الطرفين في إجلاء المعارضة السورية المسلحة من مدينة حلب.
وتعمل موسكو وأنقرة على إنشاء لجنة مشتركة للتحقيق في هذا الهجوم الغادر، الذي جاء بعد مرور عام على إسقاط القاذفة الروسية "سو-24" في سماء سوريا بصاروخ تركي، ما أدى إلى أزمة عميقة في العلاقات الثنائية. وتجدر الإشارة إلى أن السفير الراحل أندريه كارلوف لعب دورا مهما في تجاوز الأزمة الروسية التركية، وفي تكثيف العلاقات بين البلدين، ما سمح بإحراز انفراج في تسوية الوضع بحلب السورية.
ومن اللافت أن اغتيال السفير الروسي جاء بعد نجاح الاتفاق الروسي التركي حول حلب، وعشية إنعقاد جولة جديدة من المحادثات المكثفة بين موسكو وأنقرة وطهران، من المتوقع أن تساعد في استئناف الحوار السوري.
وفي أعقاب مقتل السفير، تجاوز مجلس الأمن خلافاته الداخلية التي لا تنتهي على خلفية الأزمة السورية، وأصدر بيانا بالإجماع يدين مقتل السفير ويعتبره عملا إرهابيا.
بدوره، دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مقتل السفير الروسي، وقال إنه لا شيء يبرر الاعتداء على الدبلوماسيين.
الإدانة الأمريكية
كانت واشنطن من الأوائل الذين أعلنوا إدانتهم للهجوم على السفير الروسي في أنقرة وتضامنهم مع موسكو. وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن الجانب الأمريكي مستعد لتقديم كافة المساعدات اللازمة في التحقيقات، معتبرا اغتيال كارلوف، هجوما على حق جميع السفراء عبر العالم في تمثيل مصالح بلدانهم.
وأبدى العديد من الساسة الأمريكيين عن مواقف مماثلة، وكانت بينهم مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة سامانثا باور، التي امتنعت هذه المرة عن مهاجمة روسيا بسبب حلب، ووصفت الهجوم بأنه همجي، فيما وصف مجلس الأمن القومي الأمريكي اغتيال السفير بأنه مرفوض، مؤكدا استعداد واشنطن للوقوف بجانب روسيا وتركيا في محاربة الإرهاب.
الصدمة الأوروبية
عربت فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، عن صدمتها من الهجوم على السفير الروسي في أنقرة، معتبرة أن هذا الحادث "لا يسبر غوره". وأكدت أن الاتحاد الأوروبي يدين هذا الهجوم بأشد العبارات، ويؤكد تضامنه مع روسيا.
وأصدرت الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي بيانات ممثلة، تدين الهجوم. وصدرت تعليقات بهذا الشأن عن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، الذي وصف الهجوم بأنه جبان وغادر، فيما أكد نظيره الفرنسي جان مارك أيرولت أنه لا تبرير للعنف والإرهاب.
وجاءت مواقف مماثلة على لسان أمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ، ومعظم المسؤولين الغربيين الآخرين رفيعي المستوى.
الإدانات العربية
دانت العديد من الدول العربية اغتيال السفير الروسي، كما ندد مجلس جامعة الدول العربية بالهجوم.
ودانت دمشق الاغتيال بأشد العبارات، واصفة إياه بأنه اعتداء إرهابي جبان. وتابعت الخارجية السورية قائلة: "إن هذه الجريمة الشائنة تؤكد من جديد على الضرورة الملحة لتسخير كل الجهود والإمكانيات لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه".
بدورها أكدت القاهرة وقوفها وتضامنها مع روسيا، ودعمها للجهود الروسية و"كل جهد دولي صادق يستهدف دحر الإرهاب واجتثاثه من جذوره".
وصدرت بيانات مماثلة عن وزارات الخارجية في دول عربية أخرى، كانت بينها قطر التي اعتبرت أن اغتيال السفير الروسي " يمثل عملا إجراميا آثما يتنافى مع كافة الشرائع السماوية والقيم الإنسانية والأعراف الدبلوماسية".
كما أعربت الخارجية السعودية عن إدانة المملكة واستنكارها الشديدين لمقتل السفير، وقالت في بيان إن هذا العمل "يتنافى مع القوانين الدولية ومبادئ حماية الدبلوماسيين والمبعوثين الدوليين، والمبادئ والأخلاق الإنسانية".
وقد بعث أمير دولة الكويت برقية تعزية إلى الرئيس الروسي، أعرب فيها عن استنكار بلاده وإدانتها الشديدة لمقتل السفير، وبعث أيضا برسالة للرئيس التركي.
كما لقيت جريمة اغتيال السفير الروسي في انقرة أندريه كارلوف سلسلة إدانات من المسؤولين اللبنانيين وعدد من الاحزاب والتيارات السياسية في البلاد .
فقد دان رئيس الجمهورية ميشال عون جريمة اغتيال سفير الاتحاد الروسي في تركيا أندريه كارلوف ووصفه بالعمل الإرهابي الذي يمعن في ضرب مفهوم حوار الحضارات .
وفي برقية تعزية من الرئيس عون إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اكد عون أن "لبنان الذي اخذ قراره بمحاربة الارهاب ودفع ثمناً كبيراً من أجل مواجهته، يعتمد على دعم اشقائه واصدقائه له ومنهم روسيا، ليكونوا يداً واحدة تعيد الامل للمنطقة والعالم بغد مزدهر ومشرق خال من مفهوم الارهاب والاجرام".
من جهته عبر حزب الله في بيان عن “إدانته الشديدة للجريمة النكراء التي أودت بحياة السفير الروسي لدى تركيا معتبراً أنّها” إساءة بالغة للأمن والاستقرار الدوليين”.
وأكد البيان أنّ هذه العملية الارهابية لن تؤثر إطلاقا على ثبات السياسة الروسية في سوريا والمنطقة، بل سوف تزيدها عزما على العمل المشترك مع جميع المخلصين والأصدقاء والحلفاء في مواجهة الإرهاب واستئصاله من جذوره”.
الى ذلك أصدرت الهيئة القيادية في حركة الناصريين المستقلين-المرابطون بيانا عبرت فيها عن أسفها للجريمة الارهابية التي اودت بحياة السفير الروسي في انقرة
الذي اغتيل أمام ملايين البشر وبصورة وحشية على أيدي أعداء الإنسانية والتقدم، وعصابات الاخوان المتأسلمين .
وفي غضون ذلك أوعز وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق الى القوى الأمنية بتشديد الاجراءات الأمنية في محيط السفارة الروسية في بيروت.
الصمت الأوكراني
بدورها لازمت كييف الصمت حول اغتيال السفير الروسي في أنقرة، وذلك على الرغم من إصدار الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو بيانا باللغتين الأوكرانية والألمانية، يدين "الهجوم الإرهابي" في برلين (حادث الدهس بالشاحنة) بأشد العبارات.
بدوره وصف النائب في البرلمان الأوكراني فلاديمير باراسيوك، منفذ جريمة اغتيال السفير الروسي في أنقرة مولود ميرت الطنطاش، بأنه "بطل بالنسبة لشعبه".
ونشر النائب في حسابه على موقع "فيسبوك" صورة لقاتل السفير الروسي، وكتب: "عندما يكون الرجل مستعدا لدفع حياته ثمنا واتخاذ تدابير متطرفة من أجل فكره والحقيقية، يمكننا أن نقول بثقة إنه بطل!".
ماذا حقق قاتل السفير الروسي؟
كان قاتل السفير الروسي الطنطاش أثناء تنفيذ جريمته، التي وقعت خلال افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية "روسيا بعيون الأتراك"، يصرخ "الله أكبر" ويردد شعارات مناصرة للمعارضة السورية في حلب.
لكن إحدى النتائج الجانبية لهذه الجريمة كانت تتمثل في تخفيف حدة الهجمات الغربية على روسيا بشأن أزمة حلب، وتأكيد التضامن الروسي التركي، وتثبيت اتفاقهما بشأن سبل تسوية المشاكل في حلب وباقي الأراضي السورية ، فيما أكدت كافة دول العالم تقريبا وقوفها بجانب روسيا وتركيا في محاربة الإرهاب.
المصدر: وكالات
أوكسانا شفانديوك