بيد أن مراكز متخصصة بالعلاقات الروسية الامريكية، ترى في تلك الأقوال شطحات خيال سياسي تتناغم مع تلك الدوائر الأميركية التي تحدثت على مدى شهور من الحملة الانتخابية عن " يد موسكو الطويلة " وحياكتها "المؤامرات" وصولا إلى تنفيذ هجمات الكترونية "، هتكت "أسرار" الديمقراطيين.
قطعا لم يغمض للكرملين عين طوال البارحة، في انتظار نتائج أقذر معركة انتخابية، خاضها " الفيل" دونالد ترامب مع " الحمار" هيلاري كلينتون. وليس في التوصيف إساءة، الفيل شعار الحزب الجمهوري والحمار شعار الديمقراطي. وفي العالم الجديد والغرب لا يتنابزون مثلنا في العالم القديم بالألقاب مثل إبن الكلب أو إبن الحمار كشتيمة! فالكلب مثل الحمار مقدر لديهم.
وعلى مدى ساعات الاقتراع الذي صعقت نتائجه العالم، راقبت موسكو، شأنها شأن عواصم القرار الدولي الأخرى، عن بعد أو عن قرب الانتخابات، وسط تكهنات سادت الدوائر الروسية بأن شقراء الدبلوماسية الأميركية السابقة، المرشحة هيلاري كلينتون، لن تخرج من الحملة الانتخابية سليمة العظام حتى لو عادت لتنام على الفراش الوثيرة في البيت الأبيض.
ولم تكن تصريحات فلاديمير بوتين أثناء الحملة الانتخابية وفهم منها تعاطفا مع دونالد ترامب، غير انطباع شخصي عن شخصية أثارت وستثير الجدل داخل أمريكا وخارجها.
المفارقة أن المرشحة الديمقراطية سعت لتحويل مدائح بوتين، إلى معول لتهديم صورة ترامب في المخيال الشعبي، وفق قاعدة من يصادق عدونا- والمقصود هنا بوتين- فإنه لن يصلح رئيسا لأميركا!
ويتضح أن حسابات السيدة ذات الابتسامة الهوليودية، كانت خاطئة، فكلما امعنت حملتها في تسويد صفحة منافسها، كلما تصاعدت شعبيته وسط الناخبين "الباطنيين"؛ وعددهم بالملايين ممن لم يدلوا بدلوهم قبلا وخرجوا هذه المرة ليصوتوا انتقاما من النخبة الحاكمة التي وصفها ترامب بالفاسدة وبشر" المستضعفين" بطبعة جديدة من الحلم الأمريكي.
أما بعبع بوتين، فلم يفلح في الحد من اندفاعته، بفعل أن المواطن الأمريكي "لا يتدخل بالسياسة"، وربما يجهل كثيرون بينهم؛ أين تقع روسيا ومن على رأس الحكم فيها!!
ولعبت مزاعم الديمقراطيين بأن الأجهزة الروسية "انتهكت أعراضهم" واجتاحت مواقعهم الألكترونية، وكشفت أسرار حملة كلينتون لمنافسها ترامب، دورا عكسيا. فقد أظهرت الولايات المتحدة العظمى، بلدا مخترقا كما لو كان أحد جمهوريات الموز. ولربما صدمت تلك المزاعم وعي النخب المتعلمة التي لم تصوت لترامب لكنها لم تعطف على كلينتون بصوت.
كان بوتين والكرملين، و"يد موسكو" ومخابراتها، حاضرين في الانتخابات الامريكية، حتى آخر لحظة. الأمر الذي يفسر لماذا يذهب الخيال ببعض الساسة الروس الأشد تعلقا بقيادة بوتين، أن كل خطوة قام بها الرئيس الروسي، كانت تصب في صالح المرشح ترامب الذي قد يظهر أنه ليس مريحا لموسكو وربما أسوأ من كلينتون. "فالخردل ليس أحلى من الخل" كما يقول الروس والعرب، على حد سواء! عندها سيثار السؤال مجددا هل فاز بوتين في البيت الابيض؟!.
سلام مسافر