وكان عشرات الآلاف من المحتجين، الذين تقودهم جماعة تسمى "جبهة المدافعين عن الإسلام"، قد توجهوا، مساء الجمعة 4 نوفمبر/تشرين الثاني، في أجواء توتور عام سادت العاصمة، إلى قصر الرئاسة، ساعين للقاء الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو، للمطالبة بمحاكمة محافظ جاكرتا، باسوكي تجاهاجا بورناما، المعروف أيضا بالاسم الصيني أهوك، وهو مسيحي وأول شخص من أصول صينية يتولى هذا المنصب، بتهمة ازدراء الأديان.
وترجع القضية إلى تصريحات أدلى بها، في سبتمبر/أيلول الماضي، قال فيها إن منافسيه في انتخابات الحاكم المقرر إجراؤها العام المقبل استخدموا آية من القرآن لخداع الناخبين ومنعهم من التصويت له لولاية ثانية.
وتجري الشرطة حاليا تحقيقا في قضية بورناما الذي اعتذر عن تصريحاته أمام ضغوط المجتمع.
واندلعت الاشتباكات بين المحتجين، الذين ألقوا الحجارة على الشرطة، وعناصر قوات الأمن مع حلول المساء، خارج القصر الرئاسي في جاكرتا بعد أن انصرف غالبية المتظاهرين البالغ عددهم، وفقا للشرطة، نحو 100 ألف، والذين تجمعوا في وقت مبكر من الجمعة، في مسجد الاستقلال، أكبر مساجد جاكرتا، حيث بدأوا مسيرة إلى مبنى البلدية والقصر الرئاسي المجاور.
وقال مسؤول من الشرطة الإندونيسية، في حديث لوكالة "رويترز"، إن الاشتباكات أسفرت عن مقتل شخص وإصابة 12 آخرين، موضحا أن القتيل هو رجل مدني مسن، وأن من بين المصابين 8 رجال شرطة جرحوا بعد أن ألقى المحتجون الحجارة والعصي وأشياء أخرى عليهم.
وطلبت بعض الشركات من موظفيها العمل من المنزل بسبب التوتر في شوارع جاكرتا، فيما قيدت السلطات دخول الأحياء التجارية وحثت السفارات رعاياها على توخي الحذر.
وتقوم شاحنات محملة بجنود الجيش والشرطة، بعضهم مسلحون ببنادق، بدوريات في المدينة وتؤمن أيضا المراكز التجارية، بينما ذكرت الشرطة أن من المتوقع نشر نحو 18 ألفا من قوات الأمن في العاصمة المترامية الأطراف التي يسكنها 10 ملايين نسمة.
وهيمن اللون الأبيض على شوارع وسط العاصمة إذ ارتدى المحتجون جلابيب وأغطية رأس بيضاء ونزلوا إلى الشوارع للاحتجاج.
وقال المشاركون في المسيرة إن بورناما أهان القرآن في ثنايا رده على هجوم سياسي من معارض حث على مناهضته مستشهدا بآية من القرآن.
وقال محمد سعيد، أحد المحتجين، في حديث لوكالة "رويترز": "هو ليس مسلما لكنه أهان القرآن".
وأضاف المتظاهر: "لا تستشهد بأي شيء في القرآن، وبالأخص لا تفسره تفسيرا خاطئا... أدعو الله أن يسجن".
من جانبه، قال منارمان، المتحدث باسم "جبهة المدافعين عن الإسلام": "يجب اعتقال أهوك، وعدم الاكتفاء باستجوابه".
وعمل بورناما نائبا للرئيس الإندونيسي الحالي، جوكو ويدودو، حينما كان الأخير حاكما لجاكارتا في الفترة من 2012 إلى 2014، ويعتبر بورناما حليفا قديما للرئيس.
ويسعى بورناما للحصول على فترة ولاية أخرى، في الانتخابات المقررة في 15 فبراير 2017، ويدعمه الحزب الديمقراطي الإندونيسي للنضال الذي ينتمي إليه الرئيس جوكو ويدودو.
يذكر أن إندونيسيا هي أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان، وقد شهدت من قبل اضطرابات أثارها متشددون إلا أن وقوع احتجاجات بمثل هذا النطاق الواسع أمر نادر.
المصدر: وكالات
رفعت سليمان