وقال الشاهد في خطاب نيل الثقة، الذي ألقاه أمام مجلس نواب الشعب، إنه لن يكون هناك من خيار آخر أمام حكومته، إذا استمر تراجع أداء الاقتصاد، غير تقليص النفقات وتسريح بعض الموظفين وفرض ضرائب جديدة.
وعود وتحذيرات
وينتظر التونسيون أولى الخطوات التي ستتخذها حكومة الشاهد لتحسين الوضع الاقتصادي بعد أن تسلمت مهماتها رسميا من حكومة الصيد المقالة نتيجة إخفاقها في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
وغداة تكليفه بتشكيل حكومة وحدة وطنية، تعهد يوسف الشاهد بوضع خطة اقتصادية لرفع نسق النمو والحد من البطالة والقضاء على الفساد وإصلاح نظام الضرائب. لكن الشاهد فاجأ التونسيين في خطاب عرضِ حكومته لنيل الثقة أمام البرلمان بالتحذير من أنه قد يضطر لانتهاج سياسة تقشف في القطاعات كافة إذا استمر تراجع المؤشرات الاقتصادية في عام 2017.
وتشمل الإجراءات التي لوح بها الشاهد تسريح ألوف الموظفين وخفض الإنفاق الحكومي وإضافة ضرائب جديدة، وهي إجراءات باتت تخيف التونسيين، الذين يعانون من صعوبة المعيشة وتدهور الوضع الاقتصادي. لذا فقد أثارت تصريحات الشاهد جدلا واسعا في الشارع التونسي.
وأبدى بعض النواب عن الأحزاب الداعمة لحكومة الشاهد قلقهم من أن تصريحاته أمام البرلمان غير مطمئنة؛ محذرين من أنها قد تؤدي إلى تأجيج التوتر الاجتماعي.
وتعهد الشاهد بالتعامل بحزم مع الإضرابات والاعتصامات غير القانونية؛ مؤكدا أن حكومته لن تسمح بتوقف الإنتاج في أي مصنع. كما تعهد بمواجهة جماعات الضغط التي تقف دون إصلاح الاقتصاد ومحاربة الفساد.
اقتصاد محاصر
ويطالب عدد من التونسيين بإعلان "حالة طوارئ اقتصادية"، وإعطاء الملف الاقتصادي الأولوية في العمل الحكومي لضمان تعافي اقتصاد البلاد من الأضرار، التي لحقت به جراء استشراء الفساد وتردي الأوضاع الأمنية وتعاقب الإضرابات العمالية.
وقد تباطأ نمو اقتصاد البلاد بحيث لم يتجاوز 1% فقط؛ بينما انخفضت قيمة الدينار التونسي بنمو 25%، وتضاعف حجم الدين الخارجي ليصل إلى 65 مليار دينار "نسبة 62% من الناتج القومي"، وبلغ العجز في الميزانية العامة 6,7 مليار دينار.
وانعكس هبوط المؤشرات الاقتصادية سلبا على التونسيين، حيث بلغت نسبة البطالة 15%. كما تراجع قطاع السياحة الذي يصنف كأحد ركائز اقتصاد تونس، بسبب الهجمات الإرهابية المتتالية التي ضربت تونس خلال العام الماضي، وأدت إلى عزوف السياح الأوروبيين عن زيارة تونس.
ويقدر عدد التونسيين الذي يعيشون على دخول قطاع السياحة بمليون شخص. كما يعدُّ قطاع السياحة ثالث روافد اقتصاد تونس بعد النسيج والفوسفات، اللذين تضررا أيضا نتيجة تكرار الإضرابات العمالية.
وصرح رئيس الحكومة الجديد يوسف الشاهد بأن إضرابات قطاع الفوسفات، وتراجع عائدات السياحة، سيؤديان إلى تخفيض توقعات نمو اقتصاد البلاد في العام الحالي إلى 1.5% على أبعد تقدير بدلا من 2.5% كانت متوقعة.
خط أحمر
وعلى الرغم من اعتراف الجميع في تونس بتردي الأوضاع الاقتصادية، فقد أعلن الاتحاد التونسي العام للشغل أنه سيقف بحزم في وجه إجراءات التقشف التي هدد رئيس الحكومة يوسف الشاهد بتطبيقها إن استمر الوضع الاقتصادي في التراجع.
ويرى الاتحاد العام للشغل، الذي يشارك في الحكومة الحالية بعد أن كان طرفا في الحوار الوطني، أن حقوق الموظفين والعمال التونسيين خط أحمر لن يسمح لأي كان بالمساس به. ويتهم الاتحاد الحكومات التي تعاقبت على تونس بالخضوع لإملاءات وضغوط من الجهات المانحة والمؤسسات المالية الدولية.
وقال الاتحاد في بيان أصدره ردا على تصريحات الشاهد إنه "ليس للشغالين يد في الفشل الذي طبع الحكومات السابقة، ولن يقبل أن يتحمل الاتحاد وعامة الشعب تبعات وأعباء إخفاقات السياسات المتبعة منذ عقود، والتي كان الشعب دائما ضحيتها والخاسر الأكبر فيها".
وسيكون يوسف الشاهد وحكومته أمام وضع صعب إذا استمر ضعف أداء الاقتصاد التونسي. ففي حال اضطرار لتطبيق إجراءات التقشف التي أعلن عنها، ستواجه حكومته مصيرا مجهولا بفعل الرفض الشعبي لهذه الإجراءات من جهة، وامتناع أحد أطراف الحكومة الحالية عنها، وهو الاتحاد العام للشغل من جهة أخرى.
سيد المختار