وخلص الأمن الفدرالي الروسي، إلى أن المخابرات الأوكرانية، قد حشدت ثلاث خلايا تخريبية واحدة في شبه جزيرة القرم الروسية، واثنتان على الجانب الأوكراني من الحدود، حيث كان من المقرر للخلية المنتشرة في القرم إشغال الأمن الروسي، لتتسلل الخليتان الأخريان من الجانب الأوكراني وينفذ عناصرهما سلسلة من التفجيرات والأعمال التخريبية لشل شبه جزيرة القرم والنيل من أمن روسيا واستخباراتها.
عناصر الشبكة التي انتشرت في القرم، ولم يقضوا برصاص الأمن الروسي، أدلوا باعترافات وافية تناقلتها القنوات الفدرالية الروسية.
العنصر الرئيس في الخلية التخريبية المذكورة، والذي منحته المخابرات الأوكرانية اسم يوسف، ومكّنته من الدخول إلى شبه جزيرة القرم بصورة شرعية، كان يعتزم الحصول على الجنسية الروسية، وهو من سكان شبه جزيرة القرم قبل عودتها إلى روسيا، الأمر الذي يعني حصوله التلقائي على الجنسية، إلا أن طموحه لم يتكلل بالنجاح.
يوسف، وفي إطار تحقق المخابرات الأوكرانية من ولائه، ولقاء مبالغ مالية شهرية، وضع مجسّم قنبلة في مطار مدينة سيمفيروبول عاصمة جمهورية القرم بتاريخ الـ30 من يوليو/تموز الماضي، وترك إلى جانبه تسجيلا صوتيا موجها للأمن الروسي واتصل بعد ذلك بالشرطة ليبلغها بوجود القنبلة المزعومة.
وفي اعترافاته على شاشات التلفاز قال: "عندما استمعت إلى التسجيل الذي تلقيته من المخابرات الأوكرانية، أصبت بالصدمة. ورد في التسجيل أن صاحب القنبلة هو الأمير كريموف الذي يهدد الأمن الروسي بأنه قرر وإخوته في الدين الانتقال من "الجهاد الأصغر" إلى "الجهاد الأكبر"، وأنهم سوف يفجرون في تمام الساعة الـ12 ظهرا مطار مدينة سيمفيروبول، ومحطات الحافلات المركزية في مدن يالطا وسيمفيروبول وسيفاستوبول، إضافة إلى معبر كيرتشينسكي الذي يصل القرم بروسيا. وفي أعقاب الإبلاغ عن القنبلة سارعت إلى مطار سيمفيروبول لأرى كيف سيتعامل الأمن مع نبأ القنبلة".
يوسف وكنيته الحقيقية حسب المخابرات الروسية سليمانوف، كان يهدف من وراء بلاغه الكاذب، إشغال الأمن الروسي عن باقي عناصر الشبكة الأوكرانية التخريبية المتواجدين على الجانب الأوكراني، كي يتمكنوا من التسلل في مجموعتين مستغلين الهلع والفوضى اللذين كان يعوّل عليهما أرباب الشبكة في كييف.
حسابات يوسف وأسياده كانت خاطئة، حيث اكتشف حرس الحدود الروسي أمر المتسللين واشتبك معهم في الساعة الـ2 من بعد منتصف الليل في محيط معبر "أرميانسك" الحدودي الروسي مع أوكرانيا.
وخلال الاشتباك مع المتسللين، وهم جميعا من ضباط وأفراد الجيش الأوكراني، وقبل أن يفرّوا باتجاه البحر، قتل عنصر واحد من جهاز الأمن الفدرالي الروسي، وأصيب آخر بجروح، فيما جرى إطلاق النار بالرشاشات والمدفعية من الجانب الأوكراني للحدود، لتغطية انسحاب المتسللين.
العسكريون الأوكرانيون الفارّون، وقبل أن ينسحبوا على عجل، تمكنوا من نصب المفخخات والألغام المضادة للدبابات على طريق الوحدات الروسية التي شرعت في ملاحقتهم وتمشيط المنطقة، وألقوا جميع ما كان في حوزتهم من أسلحة ومتفجرات خططوا لاستخدامها في جرائمهم الشائنة ضد المدنيين ليقتلوا من تزعم كييف أنهم مواطنوها، وخاضعون لـ"الاحتلال" الروسي في القرم!
وبين الموجودات التي حرّز عليها الأمن الروسي وكانت بحوزة المخرّبين، 20 قنبلة يدوية الصنع شدة كل منها زهاء كيلوغرامين من مادة "تي ان تي" شديدة الانفجار، إضافة إلى ألغام مضادة للدبابات، وأخرى مغناطيسية قابلة للتحكم بها عن بعد وإلصاقها على أسفل العربات أو السيارات المستهدفة لتقتل من فيها، فضلا عن عدد من المسدسات والعيارات اللازمة لها ووسائل التمويه والتخفي.
يفغيني بانوف، قائد المجموعة التخريبية التي وقعت في قبضة الأمن الروسي أفاد بالتالي: "قمنا بإعداد مخابئ سرية لنا في محيط مدينة أرميانسك، واشترينا خمس بزات مموهة على غرار تلك التي يرتديها أفراد الجيش الروسي" وعليها شعارات الجيش الروسي، وشارات الانتماء إلى صنوف قواته المسلحة، إلا أننا ألصقنا بالخطأ شعار الجيش محل شارة القوات التي ينتمي إليها صاحب البزة.
ومضى يقول: "كانت المخابئ تحتوي على أسلحة، وأنا شخصيا لم أشارك في وضع الذخائر هناك، حيث لم يكن ذلك يندرج في إطار المهام الموكلة إلي".
بانوف، كان دوره "تنسيق" نشاط الخلية على الأراضي الروسية، وكشف الأمن عن مخبأ سري للأسلحة في سيارته، إضافة إلى ثلاثة صواعق في حاوية للسوائل، وعدد من الهواتف وشرائح روسية لها.
وفي سيارة أخرى تابعة للخلية، وكان المسؤول عنها أندريه زاختي الموقوف الثالث في إطار القضية، عثر رجال الأمن على ثلاثة كغ من مادة الـ"تي ان تي" المتفجرة، وذلك في العجلة الاحتياطية للسيارة.
زاختي اعترف بأنه "اتفق مع مدبري نشاط الخلية على قدوم أربعة عناصر من الجانب الأوكراني ليلتقي بهم في محيط مقبرة مدينة أرميانسك، ويقلّهم بما معهم من حمولة بواسطة سيارته إلى الوجهة التي ينشدونها". وأضاف: "لقد أدركت الآن أنني كنت في سلوكي أنفذ تعليمات المخابرات الأوكرانية دون أن أدري".
وبين أصداء إحباط نشاط الخلية التخريبية، ووقعها على القيادة والرأي العام في روسيا، أكد الرئيس فلاديمير بوتين أن هذا الاعتداء لن يمرّ على سلام، وأن روسيا لن تسكت عن مقتل عسكرييها.
رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف من جهته، شجب هذا الاعتداء واعتبره عملا إجراميا لا بد من معاقبة جميع المتورطين فيه، ولم يستبعد وصول الأمر إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا، على غرار ما حدث مع جورجيا في أعقاب استهداف قواتها قاعدة روسية لحفظ السلام في أوسيتيا الجنوبية سنة 2008.
جون بايدين نائب الرئيس الأمريكي، وصاحب التأثير الكبير في القيادة الأوكرانية الحالية، دعا بدوره كييف إلى التهدئة مع روسيا وعدم استفزازها.
المصدر: RT
صفوان أبو حلا