وبالرغم من أن القتيل كان غريبا عن الحي كله، إلا أن تحريات رجال الشرطة توصلت بسرعة إلى شخصية الضحية، إنه الدكتور سعيد السيد بدير، الذي جاء بالأمس إلى شقة شقيقه، بحسب ما وثقه كتاب "الموساد واغتيال زعماء وعلماء" الصادر عن دار "كنوز" للطبع والنشر، للكاتب حمادة إمام.
ولأن الجميع لم يكن يعرف عن الضحية سوى أنه نجل الفنان الراحل السيد بدير، خرجت الصحف في اليوم التالي بخبر "الانتحار".
كان يمكن أن تمر المسألة مرور الكرام إلى أن جاء شقيق الضحية إلى النيابة وأدلى بأقواله التي غيرت مسار القضية، بعد أن كشف المكانة العلمية للضحية، والذي كان ثالث العلماء على مستوى العالم في مجال الميكروويف والاتصالات الفضائية، وهو من مواليد روض الفرج في 4 يناير/كانون الثاني 1949، وضابط ومهندس متقاعد في القوات المسلحة، يحمل رتبة عقيد، كما أنه يحمل العديد من الشهادات العلمية، وأول من حصل على درجة الماجستير في الهندسة الكهربائية من الكلية الفنية العسكرية، بالإضافة إلى درجة الدكتوراه في الهندسة الإلكترونية من جامعة "كنت" بإنجلترا، وتم ترشيحه لجائزة الدولة التشجيعية.
وبعد إنهاء خدمته العسكرية سافر إلى ألمانيا لاستكمال أبحاثه بعد أن تعاقد مع جامعة "ديزبورج" مع وعد منه أن يرسل لمصر قبل أي دولة أخرى نتائج أبحاثه.
سافر إلى ألمانيا وأنجز 13 بحثا علميا في غاية الأهمية، وعندما فكر في التوجه إلى الولايات المتحدة لاستكمال أبحاثه بدأت المشاكل تحاصره في ألمانيا، حتى أنه كان يجد بعض أثاث بيته قد تغير مكانه في أثناء غيابه.
وكان مجال تخصصه يتلخص في التحكم في المدة الزمنية منذ إطلاق القمر الصناعي إلى الفضاء، والتحكم في المعلومات المرسلة من الأقمار الصناعية إلى مركز المعلومات في الأرض، سواء كان قمرا استكشافيا أم قمر تجسس، وأحدثت أبحاثه ثورة في هذا المجال، سواء كانت مخصصة للأغراض العسكرية أو المدنية، ومن خلالها يمكن معرفة المعلومات المرسلة من وإلى الأقمار الصناعية، الأمر الذي أزعج كل أجهزة الاستخبارات في العالم، خاصة الموساد الإسرائيلي، وفقا لما جاء في صحيفة "المصري اليوم" القاهرية.
ويبدو أن الدكتور سعيد لم يتحمل تلك الضغوط، فقرر العودة إلى مصر، حيث اتصل بشقيقه وطلب منه مفتاح شقته في الإسكندرية حتى يكمل أبحاثه هناك، لكن كان من يترصد بعملية إتمام هذا البحث، وقرر التخلص منه، فأرسلوا ثلاثة يوم 14 يوليو/تموز 1989اقتحموا الشقة وقيدوه، ثم اقتادوه إلى غرفة النوم وقام أحدهم بقطع شريان يده، بينما أحضر الآخر أنبوبة غاز ووضعها بجانبه في غرفة النوم، وانتظروا حتى فاضت روحه، فألقوا بجثته من البلكونة.
المصدر: المصري اليوم