ليس من الغريب أن ترى اليوم قادة البلاد يجلسون في الصفوف الأمامية لمشاهدة مباريات كرة القدم في المبارزات المصيرية.
وهناك من يتهم الساسة بتسخير كرة القدم لأهداف سياسية بينما يؤكد قادة الحلبة السياسية أن الهدف من وراء قدومهم إلى الملاعب الخضراء يكمن في تشجيع المجتمع على الرياضة، لا لغاية في نفس يعقوب. للملكي وللكتالوني قصة لا تنتهي، بدأت بالسياسة واستمرت على مدرجات الملاعب بنكهة جديدة قريبة من الدبلوماسية.
للحكاية جذور في التاريخ.. كاتالونيا التي تعلن من حين لآخر عن رغبتها بالانفصال عن الحكومة المركزية وإعلان الاستقلال أصبحت الشغل الشاغل لمدريد. عام 2016 فقط أعلنت كاتالونيا نيتها الانفصال عن إسبانيا عدة مرات رغم رفض المحكمة الدستورية في مدريد، معتبرة أنه عمل غير قانوني، لكن رفض المركز لاستقلال كاتالونيا لا يمنع سكانها من رفع أعلام الاستقلال في كل مكان، هي الأعلام ذاتها التي ترفرف في ملاعب كرة القدم.
نحاول هنا الربط بين السياسة وكرة القدم قليلا رغم رفض الروح الرياضية لهذا الواقع، لكننا نفعل ذلك من منطلق أنه ليس كل من يفهم السياسة يفهم حيثيات كرة القدم والعكس صحيح، وفي كل الأحوال نتعرف معا على أسباب عداوة الفريقين منذ القدم.
لكي نخوض هذه المعركة لا بد أن نتعرف على تاريخ البطولة. هي مسابقة دوري أبطال أوروبا، وهي بطولة أوروبية سنوية ينظمها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم منذ عام 1955 لأفضل أندية كرة القدم في القارة العجوز.
تعتبر البطولة من أهم بطولات كرة القدم على المستوى العالمي وكانت تسمى في السابق قبل عام 1992 /كأس الأندية الأوروبية البطلة/ أو /كأس أوروبا/ أو /كأس أبطال أوروبا/ وكان يلعب فيها بطل دوري لكل دولة فقط وتوسعت البطولة عام 1992 وأصبحت تدعى /دوري أبطال أوروبا/.
ويعتبر النادي الملكي الأكثر فوزا بهذه البطولة، وهو الفريق الذي انتزع البطولة في أول خمس بطولات، ليأتي بعد ذلك الفريق البرتغالي بنفيكا ويكسر احتكار الفريق الملكي ويتوج بالكأس.
لكن ما يثير حفيظة المراقبين في كرة القدم أن النظام القديم للبطولة كان يقضي بأن يشارك بطل الدوري فقط، فكيف شارك ريال مدريد عام 1956/1957 علما بأن بطل الدوري الإسباني آنذاك كان أتلتيك بلباو وهو من يحق له تمثيل إسبانيا ولكن ما حدث حينها أن من مثل إسبانيا هو أتلتيك بلباو بالإضافة إلى ريال مدريد في خرق غريب لقواعد البطولة.
وفاز حينها الفريق الملكي بالبطولة رغم عدم أحقيته بالمشاركة. وتكرر المشهد نفسه عام 1959/1960، حيث شارك فريق ريال مدريد مرة أخرى في البطولة رغم أن برشلونه وحده كان له الحق في تمثيل إسبانيا بعد فوزه ببطولة الدوري.
لكن للزمان والمكان كلمة الفصل أحيانا، رغم التشكيك في نزاهة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإسباني لكرة القدم، وفي تلك الفترة كان الجنرال فرانكو الذي حكم إسبانيا بيد من حديد ودافع عن وحدة سلطة مدريد المركزية بصرامة، كان فرانكو كما يقال يرى في الفريق الملكي رمزا للاتحاد، ما دفعه يستغل الأحداث الرياضية للترويج لآيدلوجية السلطة الحاكمة.
بعد انتهاء الحكم الدكتاتوري في إسبانيا والتحول إلى النظام الديمقراطي، استطاع الاتحاد الإسباني لكرة القدم بمساندة من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الارتقاء إلى مرحلة جديدة ومباشرة تغيير القواعد التي اعتبرها كثيرون قمعية وبعيدة عن الرياضة وقريبة من السياسة والقبضة العسكرية.
ورغم هذه المآسي حول كرة القدم في ذاك الوقت، إلا أن البطولات السابقة لم تلغ رغم بعدها عن الروح الرياضية وسجلت على أنها نتائج رسمية حتى يومنا هذا.
لكن مع كل ذلك يرى مراقبون رياضيون كثر، أن عد البطولات الحقيقية يبدأ من عام 1992 حيث بدأ العمل بالنظام الجديد الذي يعتبر نزيهاً ومنصفاً. ومن هذا المنطلق يعتبر فريق برشلونة الأكثر تتويجا للبطولة في شكلها الجديد قبل التتويج الأخير للفريق الملكي السبت 28 مايو/ أيار.الفريق الكتالوني توج 5 مرات بينما توج الملكي 4 فقط وتوج ميلان الإيطالي 3 مرات أيضا ومانشستر يونايتد مرتين، ومرة واحدة لكل من تشلسي وإنتر ميلان وبايرن ميونيخ وليفربول وبورتو وبوروسيا دورتموند ويوفنتوس وأياكس ومرسيليا.
ضرار نفاع