هذه التصريحات لم تفاجئ المحلل السياسي عصمت منصور. وذلك بسبب التقارب الذي تشهده مواقف السعودية ودول الخليج وإسرائيل، على خلفية كل ما يحدث في المنطقة، وإعادة التمحور الجديدة التي تشهدها، وخاصة ما بين إيران والسعودية.
وصدرت من دول الخليج والسعودية أكثر من إشارة - سواء من مستشارين غير رسميين أو من شخصيات مقربة من القصر الملكي في الرياض - بأن السعودية معنية بعلاقة مع إسرائيل "وهذا ما كُشف عنه، فما بالك بالذي لم يكشف عنه؟"، وفق منصور.
ويقول المحلل السياسي إن هناك أساسا لهذا الحديث، وهو يعكس التوجه السعودي الخليجي الجديد بالتقرب من إسرائيل، واعتبارها جزءا من المحور ومن الحالة المناهضة "للخطر الإيراني".
وعلى الرغم من هذا التوجه من قبل السعودية ومحورها وتحالفها في المنطقة والخليج، وعلى الرغم من نداء رئيس مصر عبد الفتاح السيسي، فقد كان من الممكن، بحسب عصمت منصور، أن يلقى هذا النداء صدى معينا وبعض الصدقية لدى إسرائيل فيما لو نجحت المفاوضات مع رئيس المعارضة الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ؛ وتم تغيير الائتلاف الحكومي بما يعكس توجهها لإحداث تغيير في الاتجاه الصحيح والتجاوب مع جهود السلام.
أما عن اختيار بنيامين نتنياهو أفيغدور ليبرمان وزيرا للدفاع، فيعتقد منصور أنه رد غير مباشر ولكنه واضح للدول العربية، بأن رئيس الحكومة الإسرائيلي يتمسك بالمتطرفين وبكل من يرفض فكرة وجود سلام. وبالتالي، فإذا ما قرأت الدول العربية هذا الرد بشكل صحيح، ستراه الرد الإسرائيلي على طروحاتها وتوجهاتها ودعواتها إلى التقارب.
عدد من الكتاب والصحافيين أكد في وسائل إعلامية مختلفة أن الذي يجعل إمكانية حدوث السلام شبه مستحيلة هو النظرة التي ترى أن "التنازل" عن أي جزء أو تسليم أي قسم من الأراضي الفلسطينية أو الجولان أو غيرها هو تسليم جزء من أراضي إسرائيل الكاملة، وبالتالي محكوم على هذا التوجه بالفشل. وإذا ما حدث، فهو فقط للعلاقات العامة ولإضاعة الوقت والتغطية على أزمات حالية، وخلق وهم أو حراك ما من اجل سلام؛ ولكن النتائج معروفة.
ويرى مراقبون سياسيون أن على الدول العربية الآن المطالبة بأن تعلن رفضها لتحالف نتنياهو - ليبرمان، لان هذا التحالف خطر على المقدسات العربية الإسلامية وتهديد للقضية الفلسطينية. وبالتالي، فعوضا عن التقارب مع إسرائيل، يجب على الدول العربية أن تسعى لتكثيف الضغط عليها وإجبارها على تقديم تنازلات.
اما المحلل السياسي هاني أبو سباع، فيؤكد أن هناك مؤشرات على أن المبادرة العربية لم تأت من فراغ، وان هناك تنسيقا إسرائيليا كبيرا.
وأوضح هاني أبو سباع أن التعديل المقترح على المبادرة العربية جاء ضمن استراتيجية لعدة أسباب؛ أهمها تحييد بعض المحاور والوقوف أمام ما يوصف بالمد الإيراني بالتحديد، ومحاولة الضغط على الولايات المتحدة، وبالإضافة إلى ذلك محاولة لضرب "حزب الله".
ولا يزال الموقف الفلسطيني أمام هذه المعطيات الداعية إلى محاولة بذل جهد أكبر من الرباعية الدولية والدول العربية لإحياء عملية السلام هو الأضعف في هذه المعادلة. فالرئيس الفلسطيني محمود عباس يقول إن السلطة بلا سلطة، والجانب الإسرائيلي يُجري تغييرات على الأرض؛ حيث إن الاستيطان زاد منذ "اتفاقية أوسلو" بنحو سبعة أضعاف.
والمتوقع في المراحل المقبلة أن يتم تشكيل لجنة إسرائيلية، وإرسال تحفظاتها إلى الخارجية الأمريكية حول المبادرة العربية، أو الرؤية الإسرائيلية بحسب المحلل السياسي.
وباختصار، لا أمل في ظل هذه الحكومة لأي تقدم في موضوع السلام، وخصوصا أن كل برامجها وأحزابها وتصريحاتها العلنية والإيديولوجية قائمة على نظرة معادية للسلام.
هذا، ووفقا لمصادر مختلفة، فالدول العربية المعنية تنتظر الرد الرسمي الإسرائيلي على اقتراح التعديل، وخاصة فيما يتعلق بإعادة هضبة الجولان وحق العودة؛ لكي تنطلق مباحثات التعديل بقيادة مصرية فور حصول الدول العربية على رد إسرائيل بشرط أن يتم الاعتماد على نتائجها، واستئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني.
ولاء شمالي