مباشر

الولايات المتحدة تستعد لمعركة الرقة

تابعوا RT على
لم يكن إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما زيادة عدد قوات بلاده في سوريا أمرا مفاجئا، فقد خرجت تصريحات كثيرة مؤخرا حول نية البيت الأبيض زيادة عدد قواته المخصصة للتدريب شمال سوريا.

لكنْ إذا ما أُخذ بالحسبان توقيت ومكان الإعلان عن إرسال القوات الجديدة، فيمكن القول إن الولايات المتحدة وحلفاءها بدأوا عمليا التجهيز لمعركة الرقة، خصوصا أن فرنسا ومعها دولة أوروبية أخرى تضغط باتجاه تسريع فتح معركة الرقة تزامنا مع معركة الموصل في العراق.

بيد أنَّ هذه الخطوة، وعلى الرغم من دلالتها، لا تزال بحاجة إلى كثير من التجهيزات.

فالرقة تختلف عن الموصل؛ وهذا هو السبب الذي جعل الإدارة الأمريكية تؤخر معركة الرقة عدة أشهر منذ تأسيس "قوات سوريا الديمقراطية" في 11 تشرين الأول / أكتوبر من العام الماضي.

 أما في الموصل، فيوجد جيش نظامي يمكن التعامل معه على الأرض ولديه أسلحة ثقيلة كثيرة. بينما لا يوجد جيش نظامي حليف في الرقة، والأكراد وبعض العرب لا يكفون لشن عملية تحرير واسعة لمحافظة الرقة.

وفي الموصل، لا توجد تدخلات خارجية تضغط باتجاه مخالف للجيش والتحالف الدولي. في حين أن تركيا تلعب دورا مهما في الشمال السوري. وتأخير معركة الرقة يرجع في أحد أسبابه الرئيسية إلى تركيا التي تعرقل وتمنع شن عملية عسكرية يكون الأكراد رأس حربتها.

وتتمثل المشكلة في أن الولايات المتحدة تقع بين مطرقة الضغوط والتهديدات التركية وسندان الحاجة إلى تحرير الرقة، وأنه ليس لديها حليف حقيقي وجدي على الأرض سوى القوى الكردية، وإن كانت تحت غطاء تحالف فيه مزيج عربي ("قوات سوريا الديمقراطية").

وقد زادت الضغوط على واشنطن بعد نجاح الجيش السوري مدعوما من روسيا بتحرير مدينة تدمر من تنظيم "داعش"، وبدأ يعد العدة للتوجه نحو دير الزور ليكون على مقربة من محافظة الرقة من ناحية الجنوب الشرقي لها.

وتخشى الإدارة الأمريكية أن يساهم تحرير دير الزور في دفع الجيش السوري نحو الرقة، وبذلك يكون قد سيطر على مساحات كبيرة من سوريا، وأصبح في قلب الشمال السوري. ومن شأن ذلك إرباك الخطط الأمريكية هناك، وهذه مرحلة لا تريد واشنطن الوصول إليها.

غير أن مشكلة معركة الرقة تكمن في الجهة التي ستقوم بعملية التحرير على الأرض. فالأكراد ليس لديهم قاعدة شعبية في الرقة، بل على العكس من ذلك؛ لقد أدت تجربتهم في الحكم داخل مدن الرقة ومنها تل أبيض على سبيل المثال إلى خلق شرخ بينهم وبين السكان العرب الذين وجدوا أنفسهم أقرب إلى التنظيم من الأكراد نتيجة الأخطاء التي ارتكبها هؤلاء في الرقة.

 ومن جهة أخرى، لا توجد قوى عربية مقاتلة تستطيع أن تكون بديلا عن الأكراد، أو على الأقل أن تكون حليفا مكافئا لهم في المعركة. فالعشائر والقوى منقسمة حيال هذا الأمر، وتجربة "ثوار الرقة" و"غرفة عمليات الفرات" و "جيش العشائر" أوضح مثال على ذلك.

تقوم المقاربة الأمريكية على النحو التالي:

منع وصول الجيش السوري إلى الرقة للحيلولة دون حصول تصادم مع فصائل المعارضة التي ستصبح بين فكي كماشة من جهة الرقة ومن جهة حلب. فضلا عن أن واشنطن تعتقد أن وصول الجيش إلى الرقة قد يشعل النار مع القوى الكردية الحليفة له في الشمال أو على الأقل ليست عدوة له.

وصول الجيش السوري إلى الرقة يعني وقوع اشتباك لا محالة مع الأتراك. الأمر الذي سيؤثر سلبا على الخطط الأمريكية وقدرتها على إدارة الأمور في الشمال، كما قد يؤثر على التفاهمات الروسية-الأمريكية.

إدخال تركيا والقوى الكردية في عملية تحرير الرقة، مع الأخذ في الاعتبار مصالح الطرفين والحيلولة دون تضاربهما، وأخذ الواقع الديموغرافي للمحافظة بعين الاعتبار. ولذا، فإن عملية التدريب الأمريكي قد تنقسم إلى قسمين: قسم داخل سوريا، وقسم يجري تدريبه في تركيا؛ أحدهما تشرف عليه وكالة الاستخبارات المركزية، والآخر يشرف عليه البنتاغون.

  يجب أن تكون الرقة ملاذا للقوى المعتدلة التي لا تبحث عن تحالف مع تركيا وتلبي أجنداتها، ولا تبحث عن تحالفت مع الجيش السوري بحيث تكون امتدادا له، ولا تبحث عن تحالفات مع فصائل المعارضة المسلحة؛ باختصار يجب أن تكون محافظة الرقة حصنا لمحاربة التطرف في سوريا بعدما كانت معقلا داعما له.

حسين محمد

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا