تمر العلاقات بين موريتانيا والجزائر منذ سنتين بحالة من الاضطراب الشديد؛ حين بلغ التصعيد ذروته بتبادل البلدين طرد الدبلوماسيين العام الماضي، على خلفية مقال نشره مستشار سفارة الجزائر الأول في نواكشوط بلقاسم الشرواطي، ورأته موريتانيا مسيئا للعلاقات المغربية- الموريتانية.
وبعد خمسة أشهر من التوتر، عادت العلاقات بين البلدين الجارين إلى طبيعتها باستئناف التنسيق الأمني بينهما في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، بعد وساطة قامت بها تونس.
لكن التهدئة لم تدم طويلا؛ حيث قررت الجزائر تجميد تعاونها العسكري مع موريتانيا مطلع شهر مارس/آذار الجاري على خلفية إعلان "مجموعة الدول الخمس في الساحل" (موريتانيا ومالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو)، التي تتزعمها موريتانيا، عن إنشاء قوة عسكرية مشتركة لتأمين المنطقة من دون إشراك الجزائر.
إقصاء الجزائر
فالحكومة الجزائرية لا تخفي قلقها من محاولات "جهات في المنطقة" بناء منظومة أمنية لمواجهة الإرهاب في الساحل من دون إشراكها، مع أنها البلد الأكبر من حيث الموارد والتجهيزات.
وترى الجزائر أن إقصاءها غير ممكن، وأنه إذا تم فسيكون على حساب المنطقة.
ويذهب الخبير الجزائري في العلاقات الدولية فريد بن يحي إلى أن جيوش دول الساحل الخمس بتمويلاتها وجيوشها مجتمعة لا تقارن بقدرات الجيش الجزائري؛ في إشارة إلى استحالة تجاوز بلاده.
بيد أن صحيفة "لوموند" الفرنسية أشارت في مقال لها إلى أن فرنسا، التي تمول مجموعة دول الساحل، وتُعد وسيطتها لدى الاتحاد الأوروبي والمانحين الدوليين، تعمدت إقصاء الجزائر بعد تجارب سابقة لم تكن في المستوى المطلوب، مثل تجربة مجموعة "دول الميدان" (الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر)، التي لا أثر لها على أرض الواقع، وفقا للصحيفة.
دور موريتاني واضح
يأتي ذلك، في حين أن مراقبين يربطون استياء الجزائر من تصرفات نواكشوط، بالدور الكبير الذي تلعبه موريتانيا في "مجموعة الدول الخمس في الساحل؛ حيث احتضنت نواكشوط اجتماعها التأسيسي، وتستضيف حاليا مقرها الدائم.
هذا، وكان الاجتماع الأخير لوزراء دفاع "المجموعة" في العاصمة التشادية نجامينا أوائل شهر مارس/آذار الجاري، قد أقر إنشاء مركز الساحل لتحليل التهديدات والإنذار المبكر في موريتانيا.
كما يُتوقع أن تعلن "مجموعة الدول الخمس في الساحل" عن إنشاء مدرسة عسكرية متعددة التخصصات في نواكشوط، وتأسيس شركة مشتركة للطيران الجوي.
من جانبها، تحدثت مصادر إعلامية جزائرية عن ارتياب الجزائر في محاولة بعض العواصم المغاربية استغلال هذه المجموعة لتغيير التوازنات القائمة في منطقة الساحل والصحراء بما لا يخدم مصالح الجزائر.
وقد دفع هذا الاستنتاج بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى إعطاء تعليماته الأحد الماضي (20 03 2016) للحكومة بالتعامل مع الوضع السائد في المنطقة "أمنيا وسياسيا ودبلوماسيا"، وفقا لما جاء في بيان صادر عن الرئاسة الجزائرية.
وعلى الرغم من أن البيان الرئاسي لم يحدد الملفات المستهدفة بهذه التعليمات، أو طبيعة التعاطي المطلوب، فإن محللين سياسيين يرون أن البيان يشير ولو من بعيد إلى امتعاض الجزائر مما تصفه بمحاولات لإقصائها.
سيد المختار