تصريحات نائب الرئيس اليمني رئيس الحكومة، التي أكد فيها أن "وصول قوات الجيش الوطني إلى فرضة نهم يجعل أي مكان داخل صنعاء في مرمى نيران هذه القوات"، يعكس رغبة الحكومة في حسم المعركة عسكريا، رغم أنها تدرك صعوبة ذلك، وتعي أن الخيار السياسي أقل كلفة من المضي في الحرب، ولا سيما أنها لم تتمكن من ضبط المناطق المحررة بعد مضي نحو ثمانية أشهر.
وتمثل تصريحات بحاح نوعاً من الضغوط المتواصلة، التي يتعرض لها الحوثيون وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، خاصةً أنها أتت في غمرة النشوة بانتصارات جزئية تحققت في مدينة تعز، حيث تمكنت القوات الحكومية من السيطرة على المنفذ الغربي للمدينة؛ بينما لا تزال المنافذ المتبقية في قبضة "أنصار الله" وقوات الرئيس السابق.
بيد أن هذه التصريحات في المجمل لا تعكس حقيقة ما يدور خلف الكواليس، سواء بين الحوثيين والسلطات السعودية، أو في أروقة مجلس الأمن الدولي.
ولأن الحكومة تدرك، ومعها قيادة التحالف، أن الحسم العسكري مستحيل ومكلف، وأن وجود عناصر تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الإرهابيين في المناطق، التي تم تحريرها من قبضة الحوثيين وأتباع صالح، بات خطرا داهما على مستقبل اليمن والمنطقة، فإنها تسعى حاليا لتحقيق المزيد من المكاسب قبل العودة إلى طاولة المباحثات نهاية الشهر الجاري. وقد استبق وزير الخارجية الأمريكي جون كيري هذا الموعد، معلنا عن مناقشته مع السعوديين إمكان فرض هدنة في اليمن على غرار ما حصل في سوريا.
ومع استمرار الوضع كما هو، فإن تصريحات المستشار بمكتب وزير الدفاع السعودي العميد أحمد عسيري كانت أوضح؛ إذ أشار إلى أن الخيارين العسكري والسياسي ما زالا قائمين، وأيهما يصل أولاً فسيكون مرحبا به!
عسيري عاد ليؤكد أن صنعاء ستتحرر كما حدث مع عدن، مشدداً على وجود معلومات مفصلة عن مواقع الحوثيين ومعسكرات قوات الرئيس السابق. هذا، على الرغم من قوله سابقا إن التحالف تمكن من تدمير ثمانين في المئة من القوة الصاروخية لصالح والحوثيين، قبل أن يعود ويعترف بعدم دقة هذه التقديرات. ولم يكتف عسيري بذلك، بل تجاوز حديث محافظ تعز عن تحرير معبر واحد للمدينة، ليؤكد أن "الحكومة الشرعية تسيطر على المداخل الرئيسة للمدينة، وأن الحصار انتهى بالكامل".
كل هذا يأتي في وقت يتجنب فيه السعوديون والحوثيون على حد سواء الكشف عن تفاصيل المفاوضات المستمرة بين الطرفين منذ أسبوع في منتجع بجنوب المملكة.
واليوم، والحرب تكمل عاما على بدايتها، يدرك الطرفان استحالة الحسم العسكري. ومع هذا، فهما يظهران ممانعة في الذهاب الجدي نحو السلام، ويتمسك كل طرف بموقفه من دون تقديم أي تنازلات تساعد على إنجاح المسار السياسي، فيما تتزايد قوة ونفوذ الجماعات الإرهابية المنتشرة في عدد من محافظات البلاد.
وفي ضوء ذلك، تتزايد مخاوف اليمنيين من أن تتحول المفاوضات السعودية-الحوثية إلى أداة لتأمين حدود المملكة، تاركة الباب مفتوحا أمام صراع داخلي يمني لا أفق لنهايته .
محمد الأحمد