عن هذا الموضوع كتب المحلل السياسي يفغيني شيستكوف مقالة في صحيفة " روسيسكايا غازيتا" الحكومية.
وقال شيستكوف في المقالة: " على الأغلب سيعتبر المؤرخون هذه الوثيقة "وصمة عار" في جبين أوروبا التي ستجعل أنقرة، وحسب تعبير وسائل إعلام غربية، " سيدة اللعبة" بشكل نهائي وستضع نقطة النهاية في " تملق السياسيين الأوروبيين المقرف للرئيس التركي أردوغان".
الصفقة الجديدة بين أنقرة وبروكسل تهدد بتدمير منطقة شنغين بشكل نهائي وكذلك ستزعزع الثقة بين الدول الأوروبية، وعلى العكس يمكن لتركيا التي وحسب قول الفيغارو تشن حربا لا هوادة فيها على الأقليات القومية وقامت وحدات الشرطة فيها باقتحام مكاتب الصحف الكبرى والتي تتهم مخابراتها بتسليح "داعش"، يمكن لها أن تشرب كأس النصر حتى الثمالة.
ستقوم أوروبا في قمتها في أواسط مارس/ آذار بتلبية كل مطالب أردوغان وستحصل على الأغلب لقاء ذلك وفقا لآراء الخبراء فقط على وعود شرقية منمقة.
وترى الكثير من وسائل الإعلام الغربية أن الاتفاقات مع أنقرة ستبقى حبرا على ورق ولن تنفذ على أرض الواقع لأن النظام التركي تمكن وببراعة من تقدير قيمة وفعالية "السلاح الجيوسياسي" الذي وقع في يديه ولن يقبل طبعا بالتخلي عنه بسهولة.
أما ساسة أوروبا ومن خلال تقاعسهم وترددهم فقط يشجعون أردوغان على الاستمرار في الابتزاز وبذلك يصبون الزيت " في نيران بلاد الشام"، وتطرح صحيفة "Gazeta Wyborcza" البولندية تساؤلا هو:" ألا يعني ذلك خيانة الذات؟".
أما صحيفة Die Press النمساوية فترى أنه " تشكل لدى أردوغان الانطباع بأن كل شيء مسموح له أما الأوروبيون فخنعوا بهدوء ويخشون حتى التنفس".
ومن المفارقات أن أوروبا وقبل مئة عام فضلت أن تغمض عيونها وتتجاهل ما يجري عندما أقدم العثمانيون على حل" المسألة الأرمنية" بشكل نهائي، وأوروبا الآن تحاول حل مشكلة اللاجئين بأي ثمن ولذلك تتجاهل عمدا انتهاك حرية الكلمة وحقوق الإنسان في تركيا.
سيتوجب على الأوروبيين مكافأة أردوغان بسخاء لقاء الحل الموعود لمشكلة اللاجئين 3 مليارات يورو ومنح الأتراك إمكانية دخول دول الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرات وتسريع المباحثات حول انضمام أنقرة إلى الأسرة الأوروبية الموحدة.
خلال المباحثات السرية مع أحمد داوود أوغلو وعدت " ماما ميركل" مقابل كل سوري تقبل تركيا بعودته من الجزر اليونانية، سيتم نقل أحد السوريين من تركيا إلى دولة من دول الاتحاد الأوروبي. هذه الفكرة لم تنل قبول غالبية الدول الأوروبية لأن ألمانيا لم تتشاور معها حول ذلك. فرنسا أبدت امتعاضها وأيدتها في ذلك قبرص وبولندا ولكسمبورغ والنمسا. ولكن على الرغم من ذلك يأمل الجانب الألماني في "تمرير" الخطة الألمانية – التركية عبر الاتحاد الأوروبي رغم أنها تتسم بطابع المغامرة الخطرة. طبعا ألمانيا تأمل من هذه الخطة ضبط وتنظيم تيار الهجرة وإعادة توزيع اللاجئين على كل دول الاتحاد بدون استثناء.
خلال العام المنصرم دخل أوروبا أكثر من مليوني لاجئ، غالبيتهم لايحملون وثائق حقيقية وغير مؤهلين ولا متعلمين، ولا يعرفون اللغات الأوروبية.
لقد بينت حوادث رأس السنة في ألمانيا أن هؤلاء هم النموذج الحقيقي " للشارع العربي" وقد قدموا إلى أوروبا ليس بحثا عن القيم الأوروبية. قد يقرر البعض منهم (مثل الطالبة الدانماركية البالغة 15 عاما، والتي حاولت مع صديقها الذي حارب في سوريا تنفيذ تفجيرات إرهابية في بلادها) إعلان "الجهاد" في البلد الأوروبي الذي استقبله.
المصدر: روسيسكايا غازيتا