مباشر

الخيار العسكري يفرض نفسه في اليمن

تابعوا RT على
مع توقف مباحثات السلام وتمسك الأطراف المتحاربة في اليمن بمواقفها، عاد الخيار العسكري ليفرض نفسه على الوضع، ووصلت المواجهات إلى مشارف صنعاء.

القوات الموالية للحكومة والمدعومة من التحالف، الذي تقوده السعودية، تبحث عن نصر كبير في تعز بعد أن عجزت عن تحقيق ذلك طوال الأشهر الثلاثة الماضية. فتم تجنيد الألوف وتدريبهم، كما تم فتح جبهتين في صنعاء بهدف استنزاف الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لتسهيل مهمة القوات، التي تم تجهيزها لاستعادة السيطرة على مدينة تعز.

وفي حين تتمسك بطلب الإفراج عن المعتقلين، ورفع الحصار عن مدينة تعز قبل الذهاب إلى الجولة الثالثة من مباحثات السلام، يشترط الحوثيون والرئيس السابق وقف غارات طائرات التحالف للقبول بالمشاركة؛ ما جعل الأمم المتحدة تعلق المباحثات إلى أجل غير مسمى.

ومن الجدير بالذكر أنه بعد انقضاء تسعة أشهر على بدء عمليات التحالف العربي بقيادة السعودية، واستعادة القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد، اتضح استحالة استمرار الحرب في عمق الشمال اليمني، حيث ترابط جماعة "أنصار الله" وقوات الرئيس السابق. وظن الكثيرون أن عملية السلام باتت وشيكة، لكنْ مع التحضير للجولة الثالثة من المفاوضات، بدا الرئيس السابق علي عبد الله صالح أكثر عنادا في مواجهة السعودية،وأكد أن "الحرب لم تبدأ بعد!"، وعادت العملية السياسية إلى مربعها الأول.

والأهداف التي قصفها التحالف مئات المرات، عاد لقصفها من جديد سواء في صنعاء أم في تعز والحديدة وإب وحجة. وتبين أن التحالف، الذي تقوده السعودية، يريد من الطرف الآخر أن يقبل بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي من دون قيد أو شرط. في حين يراهن الحوثيون والرئيس السابق على تغير في الموقف الدولي، على غرار ما حدث في سوريا، ليكون ذلك مقدمة لاتفاق سياسي لا يظهرون به وكأنهم الطرف المهزوم؛ وهو أمر يعزز من فرضية الخيار العسكري لدى الرياض، لكنه يجد استجابة خجولة وراء كواليس الاتحاد الأوروبي.

ويشتد القتال اليوم (01 02 2016) في مديرية نهم شرق صنعاء، وتمطر الطائرات العاصمة بالصواريخ بشكل شبه يومي. وقد طال القصف مصانع مدنية ومستشفيات ومنازل وأحياء سكنية؛ أما على الحدود، فكثف الحوثيون وقوات الرئيس السابق من هجماتهم على الأراضي السعودية، وهم يخوضون مواجهات عنيفة في الشريط الساحلي الغربي بمحافظة حجة، وقد صعدوا من عملياتهم القتالية في تعز. وهي مواقف تشير إلى أن كلا الطرفين يراهن على الخيار العسكري باعتباره المدخل الذي سيتمكن بواسطته من تحقيق مكاسب سياسية.

ويجول منذ أسبوع المبعوث الدولي الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ في المنطقة بهدف إحداث اختراق في جدار المواقف المتصلبة للجانبين، لكنه لم يتمكن حتى اللحظة من التوصل إلى ذلك. وفي الوقت نفسه، تبدو أطراف دولية غربية حريصة على استعجال قرار وقف العمليات العسكرية السعودية في اليمن لكي تتفرغ هذه الدول لجني ثمار الاتفاق النووي مع إيران.

الضغوط التي مارستها الدول الغربية والأمم المتحدة على الرياض بشأن الحرب في اليمن أجبرتها على الإقرار بجملة من الأخطاء، التي ارتكبتها عند قصف أهداف داخل الأراضي اليمنية، وقد أعلنت عن تشكيل لجنة للتحقيق في الادعاءات حول استهداف مدنيين وارتكاب أخطاء أثناء العمليات العسكرية، بل واستعانت بخبراء من بريطانيا والولايات المتحدة لتحسين أداء الطائرات الحربية السعودية عند تنفيذ عملياتها داخل اليمن.

هذه الضغوط لم تتمكن حتى اللحظة - ربما بسبب صفقات التسليح الضخمة، التي أُبرمت مع الحكومة السعودية - من انتزاع موافقة واضحة على القبول بوقف العمليات العسكرية استجابة للشروط، التي وضعها الحوثيون، الذين يظهرون مواقف مرنة إزاء مطالب الإفراج عن وزير الدفاع والمعتقلين إذا توقفت غارات طائرات التحالف

عاصفة الانتقادات، التي تواجهها الرياض بسبب قصف أهداف مدنية في اليمن، لا تعني تبرئة الطرف الآخر من ارتكاب جرائم حرب وحصار المدنيين في تعز؛ وهو ما أكدته تقارير منظمات دولية. لكن هذه المواقف، إلى جانب تعاظم وجود الجماعات الإرهابية في البلاد، تصبح من العوامل الرئيسية الداعية إلى وقف القتال والعودة إلى طاولة المباحثات، حتى لا تتحول اليمن إلى نسخة مكررة من الوضع في ليبيا - حين أدى تقاعس المجتمع الدولي إلى انهيار مؤسسات الدولة وتحكم المليشيات المسلحة بأوضاع المناطق، ومعها تحولت القاعدة إلى قوة فاعلة أفسدت أي مساع لاستعادة الدولة وسلطة القانون

 محمد الأحمد

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا