مباشر

هل يرفع صالح الراية البيضاء؟

تابعوا RT على
تراجع الرئيس اليمني السابق عن تهديداته بمواصلة الحرب مع السعودية، وسمح الحوثيون لفريق دولي بدخول تعز، في خطوتين من شأنهما إحياء آمال السلام .

لايعرف أحد أسباب اختيار الرئيس السابق علي عبد الله صالح لهذا التوقيت للإعلان عن ضرورة الحل السياسي ووقف القتال خصوصا وأن الإعلان جاء بعد فشل مهمة المبعوث الدولي الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ في إقناع الرجل والحوثيين بإطلاق سراح المعتقلين وفتح ممر آمن لدخول الإمدادات إلى مدينة تعز المحاصرة لكن اللغة التصالحية التي استخدمها صالح جاءت مخالفة للغة التهديد والوعيد التي سبقت وصول ولد الشيخ إلى صنعاء.

صالح في تصريحاته أكد على مرجعية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وضرورة استكمال المرحلة الانتقالية، وهو موقف يقترب كثيرا من مواقف الجانب الحكومي باستثناء المطالبة بنزع أسلحة الجماعات المسلحة والانسحاب من المدن وتسليمها للسلطة الشرعية الممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، وهذا الموقف ربما يعكس في نظر المتابعين التقدم الحاصل في الاتصالات السرية التي تقودها سلطنة عمان بين الأطراف المتقاتلة في اليمن، وهو في نظر التحالف تأكيد على عدم قدرة الرجل على مواصلة الحرب. 

لم يكن الموقف الجديد للرئيس السابق هو التقدم المهم في مساع إنجاح الحل السياسي بل إن وصول فريق من المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة إلى مدينة تعز والاطلاع على الأوضاع هناك يشكل أيضا انفراجة مهمة في طريق التحضير لجولة جديدة من المحادثات كانت مقررة منتصف الشهر الجاري وتأجلت بسبب رفض الإفراج عن المعتقلين ورفع الحصار عن تعز.

 وإذا ما قدر للجهود العمانية المدعومة من الدول العظمى الراعية للتسوية في اليمن النجاح فإن الإفراج عن المعتقلين سيتم في القريب العاجل، وبه تكتمل متطلبات بناء الثقة التي اقترحتها الأمم المتحدة وتمسكت بهاء الحكومة التي تخضع لضغوط شديدة من الجانب الدولي للمضي في عملية السلام .

الحوثيون والرئيس السابق كانوا اشترطوا وقف غارات طائرات التحالف ورفع الحصار البحري والجوي من أجل المشاركة في مناقشة أسس الاتفاق السياسي وربطوا بين ذلك المطلب وبين الاشتراطات الحكومية وهو أمر لقي تفهما لدى الكثير من الدول الكبرى التي ترعى عملية السلام في اليمن، حيث كثفت هذه الدول من لقاءاتها مع الجانب الحكومي وشددت على ضرورة إعلان هدنة طويلة الأمد تتيح للطرفين الحوار بعيدا عن جبهات القتال.

الجانب الحكومي الذي حرص على التأكيد بشكل مستمر على التزامه بالحل السياسي واستعداده للمشاركة في أي جولة قادمة للمحادثات بات اليوم أكثر قربا من القبول بهدنة طويلة تواكب الإفراج عن المعتقلين وتسبق الجولة المقترحة من محادثات السلام والتي لم يحدد موعدها بعد، خصوصا وأن المؤشرات تبين أن اليمن على أعتاب انهيار اقتصادي خلال أشهر معدودة إذا استمر القتال حيث أصبح البنك المركزي  يواجه صعوبات بالغة في توفير رواتب الموظفين والحفاظ على سعر العملة.

 ومع تأكيد دبلوماسيين غربيين على أن الملف اليمني وفي ظل التجاذب الإيراني السعودي أصبح مرتبط بشكل وثيق بتطورات الملف السوري فإن أي تقدم في أحد هذه الملفات سينعكس إيجابا على الملف الآخر، إذ تريد طهران وفق هؤلاء الاحتفاظ بنفوذها في سوريا في مقابل الابتعاد عن الخاصرة السعودية في اليمن، مع أن الحضور الإيراني في جنوب الجزيرة العربية مايزال متواضعا لكن استمرار الحرب قد يؤدي الى تقويته وتثبيته.

وفي ظل نقاشات سرية وجادة بين المتحاربين في اليمن وسبقها نقاشات مماثلة بين الحوثيين والسعوديين والأمريكيين فإن الرهان بات اليوم على الدور العُماني الذي تمكن في السابق من إنجاح مفاوضات البرنامج النووي الإيراني مع الدول الكبرى، وهو اليوم ما يعول عليه في إخماد فتيل صراع إقليمي عصف بالمنطقة وقد يجرها إلى سباق تسلح يتجاوز السلاح التقليدي.

محمد الأحمد

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا