وجاءت التصريحات التي أعلنها منسق الهيئة التفاوضية العليا للمعارضة السورية في الرياض رياض حجاب أن "المعارضة لن تشارك في جنيف إذا فرض على المفاوضات طرف ثالث" لتثقل اجتماع الوزيرين كيري ولافروف قبل انعقاده.
لكن ثمة مؤشرات تدل على أن العقدة باتت قاب قوسين أو أدنى من الحل، أولى هذه المؤشرات جاءت من لافروف بعد الاجتماع إذ قال "نحن واثقون أن مفاوضات جنيف ستبدأ خلال الأيام المقبلة" على أن يترك تحديد الموعد للأمم المتحدة، وهو تصريح تزامن مع تصريح للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر "توقعاتنا أن المفاوضات في جنيف تمضي قدما نحو موعدها المقرر في 25 من الشهر الجاري، لكن إذا تأخرت ليوم أو اثنين فهذه ليست نهاية العالم".
هذان التصريحان يشيران إلى أن المهمة الصعبة تسير نحو الحل، وهي مهمة الوزير الأمريكي الذي يبحث اليوم في الرياض كيفية حل هذه العقدة مع نظيره السعودي.
المشكلة تكمن في الرفض الروسي لتشكيلة وفد المعارضة الحالية، وتحاول موسكو إدخال أطراف أخرى من المعارضة السورية بناء على القرار الأممي 2254 الذي نص في مقدمته على " ...وإذ يضع مجلس الأمن في اعتباره الهدف المتمثل في جمع أوسع نطاق ممكن من أطياف المعارضة... وإذ يحيط علما بالاجتماعات التي عقدت في موسكو والقاهرة وبما اتخذ من مبادرات أخرى تحقيقا لهذه الغاية، وإذ يلاحظ على وجه الخصوص جدوى اجتماع الرياض، المعقود في الفترة من 9 إلى 11 ديسمبر/كانون الأول 2015، الذي تسهم نتائجه في التمهيد لعقد مفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة بشأن التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع".
بناء على ذلك، تؤكد موسكو أن وفد الهيئة العليا التفاوضية لم يستجب لمتطلبات القرار الدولي 2254، فيما يتعلق بمؤتمري موسكو والقاهرة اللذين يعبران عن قوى سياسية أخرى في المعارضة السورية.
أما الهيئة العليا التفاوضية، فتعتبر أن وفد المعارضة عبر عن القرار الدولي، من حيث ضم مؤتمر الرياض نحو ثلاثين شخصية ممن شاركوا في مؤتمر القاهرة، ونحو عشر شخصيات شاركت في مؤتمر موسكو، حتى الوفد التفاوضي للمعارضة يضم شخصيات من اجتماعي موسكو والقاهرة.
لكن المشكلة تكمن في الأسماء تحديدا، حيث غابت شخصيات معارضة كهيثم مناع رئيس تيار "قمح" والرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطي، وصالح مسلم رئيس الاتحاد الديمقراطي الكردي وقدري جميل رئيس جبهة التحرير والتغيير، عن القائمة التي تقدمت بها المعارضة المنبثقة عن مؤتمر الرياض.
بالنسبة لمناع، تعتبر الهيئة العليا للمعارضة أن الدعوة وجهت إليه لكنه رفض المشاركة في مؤتمر الرياض، وبالنسبة لمسلم، فهي تعتبره شريكا للحكومة السورية باعتبار أن الوحدات العسكرية التابعة لحزبه (YPG) لم تقاتل الجيش السوري، بل قاتلت "داعش" وفصائل المعارضة، وأما بالنسبة لجميل، فالهيئة العليا للمعارضة تعتبره شريكا حقيقيا لدمشق وكان مشاركا في حكومتها السابقة.
وتبدو مشكلة مناع أكثر سهولة من الطرفين الآخرين، حيث يمكن أن تقبل الهيئة العليا في النهاية بمشاركة مناع، على خلاف جميل ومسلم.
ويصعب التنبؤ حتى الآن بالصيغة التي ستحل بها العقدة في ضوء المواقف المطروحة، فإما إعادة ترتيب وفد المعارضة عبر ضم شخصيات إليه، أو تشكيل وفدين معارضين مستقلين.
ويعكس الموقفان الخلاف الإقليمي الدولي، فالسعودية وتركيا وقطر كدول إقليمية تدعم موقف الهيئة العليا للمعارضة، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية السعودي حين قال إن "المعارضة السورية هي التي تحدد من يمثلها في المباحثات، واللجنة العليا المنبثقة عن مؤتمر الرياض هي الجهة المعنية وهم الذين يحددون من يمثلهم في المفاوضات".
وعلى المستوى الدولي تلقى المعارضة دعما من باريس التي أعلنت على لسان وزير الخارجية لوران فابيوس ضرورة "احترام نتائج مؤتمر المعارضة السورية الذي عقد في الرياض كونه جمع الأطياف الرئيسية في المعارضة".
وفي حال فشلت الجهود لرأب الصدع، فربما يجري تجميد مؤتمر جنيف مؤقتا مع إمكانية ترجمة الخلافات على الأرض وفي كل الاتجاهات.
حسين محمد