سماحة، الذي بدأ حياته السياسية في ستينيات القرن الماضي ضمن صفوف حزب "الكتائب" وتنقل بين وزارتي الإعلام والسياحة بين عامي 1992 و 2004، يعتبر الشخصية الأكثر إثارة للجدل حالياً في المجتمع اللبناني، لاسيما وأن توقيت إخلاء سبيله لم يكن موفقاً، ففي حين تعيش البلاد أزمة سياسية في ظل فراغ رئاسي وشلل حكومي وانقسام حاد بين الأحزاب والتيارات الفاعلة على المسرح اللبناني، جاء قرار محكمة التمييز العسكرية ليفتح السجال مجددا حول ملفات أخرى عالقة في أدراج المحاكم اللبنانية، الأمر الذي يضع القضاء اللبناني برمته أمام استحقاقات حساسة جداً، بعد أن تمكن من الحفاظ على حياديته إلى حد ما بالرغم من الخلافات السياسية التي تعصف بالبلاد منذ عام 2005.
أما اليوم، فإن بوادر المواجهة في الجسم القضائي ظهرت بتأكيد وزير العدل أشرف ريفي إحالة ملف سماحة إلى المجلس العدلي، وإعداد مشروع قانون ينص على إنشاء محاكم ودوائر قضائية متخصصة لتكون بديلة عن المحكمة العسكرية، وذلك تمهيداً لرفعه إلى مجلس الوزراء. ولكن بما أن مجلس الوزراء محكوم بالتوافق والإجماع على القرارات نظرا لشغور كرسي الرئاسة، فإن الوزير ريفي يدرك أن مشروعه سيواجه عقبات في الحكومة، لذلك فإنه سيحاول تمريره كمشروع قانون عبر المجلس النيابي لإقراره، الأمر الذي ينذر بإضافة ملف جديد من ملفات المواجهة تحت قبة البرلمان..
تزامناً مع الحراك السياسي في قضية سماحة والتصريحات النارية لقيادات الصف الأول في البلاد، يبرز حراك شعبي على محورين، أولهما التظاهرات والاعتصامات التي تنظمها قوى الرابع عشر من آذار في العديد من المناطق اللبنانية وما يتخللها من خطوات تصعيدية تتمثل بقطع طرق وحرق إطارات مطاطية في الشوارع، كما ويبرز أيضا تحرك أهالي ما يعرف بالموقوفين الإسلاميين الذين لم تبت المحاكم اللبنانية بقضاياهم حتى الآن، الأمر الذي يعتبره مراقبون بداية لرفع سقف التحرك العلني من قبل بعض المنظمات الإسلامية التي وضع الجيش اللبناني حداً لنشاطاتها عقب أحداث مدينة طرابلس.
إخلاء سبيل سماحة لم يكتف بإعادة السجال السياسي بين الأطراف المتنازعة إلى واجهة الأحداث بل من شأنه أيضاً أن يعيد إلى الشارع اللبناني التظاهرات والاعتصامات التي شلت في وقت سابق كل مرافق الحياة الاقتصادية وقطعت أواصر التواصل لفترة طويلة بين المحاور السياسية في البلاد؛ وهو ما يعني أن كل الاحتمالات باتت واردة على الساحة اللبنانية.
عمر الصلح