فقد قطعت السعودية العلاقات الدبلوماسية للمرة الأولى مع إيران في العام 1988 بعد مصرع أكثر من 400 شخص، معظمهم إيرانيون، أثناء أداء فريضة الحج في منى، إثر مواجهات مع عناصر من الشرطة السعودية، وقد تمت استئناف العلاقات في العام 1991.
هذا وقررت الرياض الأحد 3 يناير/كانون الثاني، وللمرة الثانية في 3 عقود، قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران إثر اقتحام سفارتها في طهران احتجاجا على إعدام الشيخ نمر النمر الجمعة 1 يناير/كانون الثاني.
وكان محتجون إيرانيون قد اقتحموا السفارة السعودية في طهران وأضرموا النار فيها، كما أنزل المحتجون العلم السعودي من فوق مبنى السفارة، كما هاجم متظاهرون إيرانيون مبنى القنصلية السعودية في مشهد وأحرقوا جزءا منه على خلفية إعدام نمر النمر.
وتاريخيا، وفي يوليو/تموز عام 1987 توترت العلاقات بين السعودية وإيران وكادت تصل إلى حد القطيعة بعد مقتل 402 حاج من بينهم 275 إيرانيا قتيلا في اشتباكات بمدينة مكة المكرمة.
وقد تصاعدت التوتر إثر خروج محتجين إلى شوارع طهران واقتحامهم السفارة السعودية 1987 واحتجاز الدبلوماسيين السعوديين بداخلها، كما أضرموا النار في السفارة الكويتية، وقد توفي آنذاك الدبلوماسي السعودي مساعد الغامدي في طهران متأثرا بجروح أصيب بها عندما سقط من نافذة بالسفارة واتهمت الرياض طهران بالتأخر في نقله إلى مستشفى في السعودية.
وقد اعتدى المهاجمون على القنصل السعودي في طهران رضا عبد المحسن النزهة، وبعد تلقيه العلاج اقتادته قوات الحرس الثوري الإيراني واعتقلته قبل أن تفرج عنه بعد مفاوضات بين السعودية وإيران.
جدير بالذكر أن الملك فهد قطع العلاقات الدبلوماسية في أبريل/نيسان عام 1988.
وعام 1986 اكتشفت السلطات الأمنية السعودية عددا من الحجاج الإيرانيين القادمين لمطار جدة يخفون في حقائبهم مادة شديدة الانفجار وتُعرف باسم C4، وخلال تفتيش رجال الجمارك لـ95 حقيبة تم ضبط ما يعادل 51 كغ من هذه المادة المتفجرة وقد سجلت اعترافاتهم وبثت على التلفزيون السعودي.
كما توترت العلاقات الإيرانية السعودية بعد حادثة تدافع منى لموسم حج 2015 التي سقط فيها عدد كبير من القتلى الإيرانيين والذي قابله صمت شبه مطبق من السلطات السعودية بخصوص الحادثة، وقد أعادت هذه الحادثة للواجهة مطالب الإيرانيين بتسيير مشترك تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي لمناسك الحج.
ولعل التنافس الإقليمي بين السعودية وإيران احتد على إثر اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، والتي أطلقت عليها الحكومة العراقية آنذاك اسم "قادسية صدام" بينما عرفت في إيران باسم الدفاع المقدس، وقد اندلعت من سبتمبر/أيلول 1980 حتى آب/ أغسطس1988، لتكون بذلك أطول نزاع عسكري في القرن العشرين وخلف نحو مليون قتيل وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار.
وقد نظم الحجاج الإيرانيون مظاهرة ضد الموقف السعودي الداعم للعراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وذلك أثناء موسم الحج في مكة المكرمة عام 1987 وبعد أحداث الشغب مباشرة طالب الخميني المرشد الاعلى الثورة الثأر للقتلى من الحجاج الإيرانيين والإطاحة بالحكومة السعودية.
جدير بالذكر أنه في أبريل/نيسان من عام 1979 تم الاعلان عن قيام الجمهورية الإسلامية في إيران ليتولى بعدها الخميني منصب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية وهو المنصب الأعلى في النظام السياسي الإيراني.
3 سنوات بعد الحرب العراقية الإيرانية، اندلعت حرب الخليج الاولى التي انتهت بفرض حصار قاس على العراق ساهمت فيه السعودية والذي استمر نحو 11 عاما وانتهى بغزو امريكي واسع للبلاد الرافدين أطاح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وقد أدى رحيل صدام إلى بعثرة أوراق السعودية في العراق، سيما مع سيطرة قوى حليفة لإيران على الحكم هناك.
لم تتوقف التوترات إلى هذا الحد، بل تسبب البرنامج النووي الإيراني في تعميق المخاوف السعودية من أن طهران تسعى للهيمنة على منطقة الخليج وتعزيز تواجدها الإقليمي إضافة إلى امتلاكها للأسلحة النووية.
وتطورت مخاوف الرياض في العام 2015 إثر توصل إيران والقوى العالمية الست إلى اتفاق شامل في الـ14 من يوليو/تموز بخصوص برنامج إيران النووي، وقد رأت السعودية أن الاتفاق يمنح إيران القدرة على تطوير قدراته النووية.
وأظهرت برقيات دبلوماسية أمريكية نشرها موقع "ويكيليكس" أن القادة السعوديين بمن فيهم الملك الراحل عبد الله بن عبدالعزيز يضغطون على واشنطن لاتخاذ موقف متشدد من إيران فيما يخص برنامجها النووي بما في ذلك إمكانية استخدام القوة العسكرية.
وفي 11 أكتوبر/تشرين الاول 2011 كشفت السلطات الأمريكية عن إحباط مؤامرة إيرانية لتفجير سفارتي إسرائيل والسعودية واغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة عادل الجبير، وقد قالت الرياض إن الأدلة دامغة وإن إيران ستدفع الثمن.
وحددت الشكوى الجنائية التي كشف النقاب عنها في المحكمة الاتحادية في نيويورك اسم الشخصين الضالعين في المؤامرة وهما منصور اربابسيار وغلام شكوري، وقالت المستندات أن الرجلين من أصل إيراني في حين يحمل أربابسيار الجنسية الأمريكية.
وأصبحت السعودية الداعم الرئيسي للمعارضة السورية المسلحة ضد القوات الحكومية المدعومة من إيران والتي تتهم الرياض بدعم الإرهاب في سوريا.
وفي مارس/آذار 2015 بدأت السعودية حملة عسكرية في اليمن لمنع الحوثيين المتحالفين مع إيران من الاستيلاء على السلطة، واتهمت الرياض إيران باستخدام مسلحي الحوثيين لتنفيذ انقلاب، فيما قالت طهران إن الضربات الجوية التي تنفذها الرياض تستهدف المدنيين.
وعكس التوترات، اتسمت العلاقات السعودية الإيرانية ببعض الإيجابية، فقد هنأ الملك الراحل فهد بن عبد العزيز الرئيس الإيراني محمد خاتمي على فوزه في الانتخابات عام 2001، خاصة وأن خاتمي سعى من أجل تقارب البلدين بعد فوزه الساحق الأول عام 1997 وإنهاء ما يقارب من 20 عاما من توتر العلاقات بين الرياض وطهران في أعقاب قيام الثورة الإسلامية عام 1979.
جدير بالذكر أن خاتمي زار السعودية عام 1999 وكانت تلك أول زيارة يقوم بها رئيس إيراني للمملكة منذ قيام الثورة وتوج البلدان تحسن العلاقات باتفاق أمني في أبريل/نيسان عام 2001.
حتى رياضيا، عادة ما تشهد مباريات كرة القدم بين المنتخبين السعودي والإيراني توترا شديدا، فقد تم اختيار المباراة التي جمعت المنتخبين عام 1975 من ضمن الـ10 المنافسات الكروية الدولية المشحونة أكثر سياسيا وفقا لتقرير بليتشر.
والتقى المنتخبين الإيراني والسعودي في 15 مواجهة حتى الآن، كانت جميعها في مباريات تنافسية ولم يسبق لهما أن لعبا أي مباراة ودية.
وبما أن الاجواء الرياضية مشحونة بالسياسة اتسمت مبارياتهم بـ"التوتر والشراسة" سواء على مستوى المنتخبات أو الأندية امتدت هذه التنافسية بين البلدين إلى مباريات الأندية، فبعد انتصار المنتخب السعودي خارج أرضه في شهر مارس/أذار 2009 أدى اللاعبون السعوديون رقصة السيف أمام 100 ألف مشجع إيراني ما اثار غضبا كبيرا وفي ملعب آزادي.
وعندما أقصى فريق ذوب آهن الإيراني فريق الهلال من نصف نهائي دوري أبطال آسيا 2010 استهزأ اللاعبون الإيرانيون برقصة السيف أمام المشجعين السعوديين.
يذكر أن سلطات الهجرة السعودية أجبرت لاعبي فريق بيروزي الإيراني على أخذ بصمات العين والإصبع عند وصولهم إلى مطار جدة لخوض إحدى مباريات دوري أبطال آسيا 2011 ضد أحد الفرق السعودية، وقد رفض الإيرانيون القيام بذلك، ومكثوا في المطار لمدة 8 ساعات.
المصدر: وكالات