المنجم الفرنسي محل الذكر هو ميشيل دي نوسترادام أو نوستراداموس الذي وُلد في عام 1503 واحتفظ بشهرة خاصة باعتباره أحد أشهر المنجمين وقراء الغيب، وتحظى نبوءاته على مر العصور باهتمام بالغ، وينكب المهتمون على حل ما تركه من ألغاز وحجايا.
وأنجز نوستراداموس الذي تخرج من جامعة مونبيليه وتحصّل على درجة الدكتوراه، أول تقويم فلكي له في عام 1555 ومن ثم صدرت أول طبعة لأسفار تنبوءاته في لندن محتوية على 353 من المقاطع الشعرية في شكل رباعيات ملغزة تتحدث عن مستقبل البشرية في القرون اللاحقة.
امتهن هذا المنجم الشهير العلاج بالأعشاب وكرّس حياته لكتابة تقاويم فلكية للأحداث في كل مئة عام، وتقلبت علاقته بالسلطات بين الرضى والسخط.
ويمكن الإشارة بالخصوص إلى أنه على الرغم من شهرة نوستراداموس الواسعة إلا أن الباحثين يؤكدون أن القليل من تنبوءاته كانت صحيحة وأن ما كتبه يلفه الغموض الشديد ويصعب تفسيره وأن الأحداث التي صاغها بطريقة شعرية ملغزة يمكن قراءتها بأكثر من وجه.
ومع كل ذلك يدافع عنه أنصاره بالتأكيد على أنه منذ أكثر من أربعة قرون ونصف تنبأ بهجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، وأنه كتب بهذا الشأن قائلا: "في اليوم الحادي عشر من الشهر التاسع طائران حديديان سيصطدمان بصرحين سامقين".
يقول بعض الدارسين لأسفار نوستراداموس أن هذا المنجم الفرنسي الشهير رأى أن عام 2015 سيكون منعطف هام للبشرية وبه تبدأ ركائز أحداث جسام يكون موعدها عام 2016، لافتا إلى أن عام 2015 سيشهد بزوغ هدف يوحد جميع شعوب الأرض و"يخلصها من خطاياها وآثامها".
أما عام 2016، فقد رأى فيه نوستراداموس الكثير من التناقضات، وفيما أشار إلى حدوث تحسن في المجال الاقتصادي وإلى فتح أبواب استعمال الطاقة الشمسية ما يسمح بخفض تكاليف الكهرباء، وإلى أن الضرائب في أوروبا ستصبح من الماضي إلا أنه ذكر أيضا أن الأزمة المالية ستبقى على حالها ولن تفقد تأثيرها، كما ألمح إلى إمكانية حدوث انهيار في الاقتصاديات الكبرى آخر العام من خلال تأويل قوله: "الأغنياء سيموتون مرات عديدة".
المنجم الفرنسي الشهير قرن عام 2016 بالعديد من المآسي والكوارث، ومنها حديثه عن أن أسوأ الأحداث ستنطلق شرارتها من الشرق، وأن أناسا يرتدون العمائم سيبدؤون حربا دموية ووحشية، وأنها لشدة قسوتها ستدفع عشرات من الدول للانخراط فيها وهي ستستمر 27 عاما!.
ولم يكتف نوستراداموس بذلك، بحسب المفسرين، بل أضاف إلى الحرب كوارث طبيعية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ستفقد إحدى مدنها بسبب الإعصار، وأن عام 2016 سيشهد هطول أمطار شديدة الغزارة وأن المياه ستغمر دول أوروبا شهرين من دون انقطاع وأن الفيضانات ستتسبب في غرق أجزاء من أراضي التشيك وإيطاليا وهنغاريا وبريطانيا!.
وينقل أنصار هذا المنجم عنه أن أوروبا ستخلو من سكانها وأن مدنها ستتحول إلى ركام وأنها ستبقى كذلك 10 سنوات قبل أن تعود الحياة إليها، وسيكون الخراب ناتجا بشكل أساسي عن انفجار عنيف لبركان فيزوف في إيطاليا، وأن هذه الكارثة الطبيعية ستعقبها سلسلة من الهزات الأرضية التي ستقضي على حياة آلاف من البشر.
لن نكون مجبرين، بطبيعة الحال على انتظار كل هذه الكوارث في العام الجديد الذي يكاد أن يصل إلينا، إذ أن هذه التنبوءات كمثيلاتها ليست قدرا محتوما ولا حكما نهائيا وهي مجرد أضغاث أحلام ستتجاوزها الأيام.
وهذا بالطبع لا يعني أن الحياة ستكون مثالية ومن دون شوائب في العام الجديد، بل هي ستمضي كما تفعل دائما ثنائيات متواصلة، ولادة وموت حرب وسلم حب وكراهية رخاء وعوز، استقرار واضطراب، وفوق كل ذلك يظل الأمل شمسا لا تغيب في أحلك الظروف وأشد الأزمات، وهذه هي سنة الحياة.
محمد الطاهر