القمة الرابعة لعلاقات شراكة استراتيجية
القمة العربية اللاتينية تكتسب أهميتها من حالة التوأمة التاريخية التى تجمع بين بلدان التكتلين العربي واللاتيني من حيث التاريخ المتقارب في الظروف والتداخلات، وطبيعة المساعي المتشابهة في كثير من تفاصيلها لبناء أمتين ناهضتين وربما هو اﻷمر الذي يؤهل الـ 34 دولة إجمالي التجمعين إلى تعميق مجالات التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي .
من جهته قال مدير إدارة الأمريكتين في الجامعة العربية السفير إبراهيم محيي الدين إن مشروع جدول أعمال القمة يتضمن عدداً من القضايا السياسية التي تهم الجانبين وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتطورات الأوضاع في سوريا واليمن وليبيا وهي القضايا التي يركز عليها الجانب العربي، إلى جانب القضايا التي يركز عليها الجانب الأمريكي الجنوبي ومنها قضية جزر المالفينوس المتنازع عليها بين الأرجنتين وبريطانيا، وعلاقة هذه الدول بالمنظمات الدولية، وقضية الديون وقضايا التعاون في المجال الاقتصادي والتجاري والثقافي.
التعاون الاقتصادي يجمع 34 دولة ناهضة
التعاون الاقتصادي يأتى في القلب من مجاﻻت وسبل التعاون بين بلدان التكتلين ولذا كان انعقاد منتدى رجال الأعمال قد أوصي خلال اجتماع في الرياض قبيل القمة بضرورة تحرير التجارة وتشجيع الاستثمارات وزيادة الرحلات الجوية وإنشاء شركتين للنقل والخدمات اللوجستية، وكذا دعا إلى إنشاء شركة قطاع خاص مشتركة للنقل البحري، وأخرى للخدمات اللوجستية بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية.
وحث المنتدى على زيادة الرحلات الجوية المباشرة بين الدول العربية وأمريكا الجنوبية، وتسهيل منح تأشيرات الدخول للسياحة والأعمال، كما دعا إلى تعزيز مستوى التمثيل التجاري المتبادل بين المنطقتين وتشجيع إنشاء مجالس أعمال ثنائية في دول المنطقتين، كما حث الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية على الإسراع في تحرير التجارة، وتهيئة البيئة الملائمة لتشجيع وضمان الاستثمارات تفادياً للازدواج الضريبي.
"اللاتين" أسبق دول العالم اعترافا بالدولة الفلسطينية وتظاهرا لأجل مظالمها
العديد من القضايا ذات الجذور المشتركة تجمع الدول العربية واللاتينية على السواء فما بين حركات التحرر الوطني والتخلص من التبعية للدول الكبري، وتنازع استقلال السلطة والقرار السياسي، وتدافع إحداث التنمية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للشعوب اجتمع الزعماء العرب وأقرانهم من زعماء دول أمريكا الجنوبية على أن وحدتهم وتعاونهم يقوي قدراتهم في مواجهة التكتلات الدولية العظمى، وبخاصة في القضايا المصيرية، ولذا لم يكن مستغربا على دول عاشت كفاحا ومعاناة كالدول العربية بالمثل أن تتخذ مواقفا مبكرة للغاية، بل وأحيانا سابقة لدول عربية في مساندة القضية الفلسطينة، فكانت دول أمريكا الجنوبية من أوائل دول العالم اعترافا بالدولة الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة ومساندة القضية الفلسطينية كذلك في مواجهة التعنت الإسرائيلي، ولعل الجميل في اﻷمر أن المساندة لم تكن رسمية فحسب بل تخطتها لتعاطف ومساندة شعبية فاقت التوقعات ووصلت إلى حد الخروج في تظاهرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني ضد التعنت الإسرائيلي، بل وقاطعت كثير من الدول اللاتينية إسرائيل ومنعت التعامل معها نصرة للقضية الفلسطينية .
أمريكا الجنوبية تساند العرب في صراعهم التاريخي مع إسرائيل
وفي اتصال واضح بما سبق تأتي القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكيا الجنوبية لتبحث قضايا إقليمية ودولية تأتي في مقدمتها القضية الفلسطينية ورفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة والإرهاب وإنشاء قوة عسكرية عربية والوضع في سوريا وفي ليبيا وفي اليمن وتطورات المؤتمر التاسع لمراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي، والدورة العشرين لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والمقدمة من جانب بيرو، كما تبحث آلية للتعاون في مجالات الاقتصاد والثقافة والتربية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا وحماية البيئة والسياحة، وذلك لتحقيق التنمية الدائمة في تلك البلدان.
القمة العربية اللاتينية تتحاشى الخلاف حول الأزمة السورية
القمة العربية اللاتينية من بين ما يميزها ابتعاد البلدان العربية فيها عن القضايا الخلافية ولعل ذلك يتجلى في الموقف المنقسم حول الأزمة السورية، حيث يتضمن بيان الرياض، الذي سيصدر غدا في ختام القمة، ويتكون من 61 بندا، ويعلن البيان في صيغة توافقية التزام الدول العربية واﻷمريكية الجنوبية بسيادة واستقلال سوريا، ووحدتها وسلامة أراضيها، كما تلتزم بالوصول لحل سياسي سلمى للأزمة في سوريا، وهو بذلك تجنب الحديث عن مصير بشار اﻷسد أو نظامه، درءا للخلاف.
الاجتماع كذلك سيرفض الإرهاب بكل صوره وأشكاله، ويرفض كذلك ربطه بأي دين أو عرق، ويؤيد الجهود الرامية لمواجهة "داعش" في العراق، ويؤيد أيضا تشكيل قوة عربية عسكرية مشتركة للحفاظ على اﻷمن القومى العربي.
إذابة الجليد بين الملك سلمان والرئيس السيسي
على هامش القمة تجري إذابة الجليد الذي حل بعلاقة الملك سلمان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وإعادة ترتيب أوراق العلاقة بين البلدين في ظل مستجدات من بينها اتفاق فيينا والأزمة المصرية الراهنة في مواجهة تداعيات سقوط الطائرة الروسية المنكوبة والمواقف الغربية التى يراها الجانب المصري تآمرية حياله، فضلا عن بحث الزيارة علاقة الملك سلمان بمصر.
وتعقد القمة كل ثلاثة أعوام، ويشارك فيها رؤساء الدول والحكومات، وعقدت ثلاث قمم حتى الآن، الأولى في برازيليا في الـ10 والـ11 من مايو/أيار 2005، والثانية في الدوحة في الـ 31 من مارس/آذار 2009، والثالثة في ليما في الـ2 من أكتوبر/تشرين الأول 2012.
إيهاب نافع