مباشر

خلافات بشأن هوية الدولة العراقية: دينية أم علمانية

تابعوا RT على
بعد يوم من اتهام السيستاني للبرلمان العراقي بالالتفاف على إصلاحات رئيس الوزراء العراقي.. سعى حيدر العبادي إلى الحصول على دعم كبار مراجع النجف لحزمة إصلاحاته، لكنه لم يلتق السيستاني

العبادي اجتمع بمقتدى الصدر وثلاثة من مراجع النجف الكبار وهم محمد سعيد الحكيم، وإسحق الفياض، وبشير النجفي. وعقب وصول رئيس الوزراء مباشرة، وصل رئيس البرلمان سليم الجبوري الى النجف أيضا ليتم اللقاء مع السيستاني وآخرين.. العبادي أكد عقب اللقاء ان السيستاني لديه رؤية واضحة وإرادة ورغبة في الخروج من الوضع السياسي الراهن.. وفي غضون ذلك، زار رئيس الوزرء السابق نوري المالكي مدينة كربلاء المجاورة، للقاء قيادات في الحشد الشعبي. وبهذا، تكتمل زيارات الرئاسات العراقية الثلاث للسيستاني. اذ زار العبادي والرئيس العراقي فؤاد معصوم في فترات مختلفة بعد تشكيل الحكومة محافظة النجف في 2014 واجتمعوا بالمرجع علي السيستاني بمقره في مدينة النجف.

تأتي هذه الزيارات بعد نحو أسبوعين من التوتر بين العبادي بحزبه وكتلته السياسية وأشخاص (يمثلون أطرافا أخرى) لوحوا بسحب التفويض بشأن الإصلاحات، فيما هدد غيرهم بسحب الثقة من الحكومة. وربما تكون هذه الزيارات تعبر عن رغبة العبادي في تشكيل جبهة عابرة للطوائف وإعادة الحياة لمجلس السياسات الذي اتفقت على تشكيله الكتل السياسية ضمن "اتفاقية أربيل" التي افضت الى تولي المالكي رئاسة الوزراء للمرة الثانية والتي، يؤكد كثيرون أن المالكي افرغها من محتواها بعد تسلمه السلطة في 2010 للمرة الثانية.. فقد قال النائب جاسم محمد جعفر عن التحالف الوطني إن "العبادي ابلغ التحالف الوطني بأنه ينوي توسيع حواراته مع الكتل الأخرى. وقال إن رئيس الحكومة يشعر بأن هناك ضغوطات تمارس ضده لمنعه من المضي بالإصلاحات وآخرها كان توقيع عدد من النواب على سحب التفويض الذي منحه له البرلمان. وأضاف جعفر أن العبادي بدأ بالتواصل مع القوى السياسية وبعث برسائل تطمئن تلك الجهات مقابل الحصول على الدعم والتأييد.

ويبقى السؤال: اذا كانت زيارة العبادي للنجف ضرورية في سبيل الحصول على الدعم واطلاع المراجع الدينية على مستجدات الوضع السياسي، فما هي ضرورة وجود سليم الجبوري هناك أيضا؟ هل ذهب الجبوري لان السيستاني اتهم البرلمان بمحاولة الالتفاف على الاصلاحات فذهب ليضع المرجعية في الصورة؟ أم أنه كان هناك لتقوية مسار اصلاحات العبادي التي يؤيدها السيستاني ويعرقلها المالكي؟

من ناحية اخرى، يرى كثيرون أن وجود الجبوري والعبادي في النجف في اليوم نفسه يعد جهداً مشتركاً لإيجاد زخم جديد لجهود تشكيل جبهة سياسية عابرة للطوائف لدعم الإصلاحات.. ويحاول العبادي مدعوماً بتياري مقتدى الصدر وعمّار الحكيم، وقيادات سنّية وكردية، كسب ثقل برلماني لمصلحة الإصلاحات، يتجسّد في تأييد 250 نائباً من بين 328 في الوقت الذي تقلص وجود المالكي في البرلمان الى نحو 70 مقعداً فقط؟ خاصة وقد أثنى زعيم تيار الصدر خلال لقاء جمعه برئيس الوزراء في النجف أمس على إصلاحات الأخير، وقال: لمستُ منه إصلاحاً كبيراً في كل النواحي الأمنية والسياسية.

البعض بدأ في وضع تساؤلات بشأن السيستاني، وإن كان مرجعا للدولة بدلا من الدستور، ما يؤثر بشكل مباشر على هوية الدولة سواء كانت دينية أم علمانية: ما السبب الذي يدعو ساسة العراق الى زيارة السيستاني كلما اشتد الصراع بين اطراف العملية السياسية على طريقة الخروج من المأزق الذي يخيم على العملية السياسية؟ وهل المشكلة تتعلق بالاصلاحات أم أن لها طابعا طائفيا؟ في غضون ذلك، برزت أصوات تؤكد أن السبب الأساس في الخلاف مرتبط بشكل أو بآخر بملف التحالف الرباعي (العراق وسوريا وإيران وروسيا)، وخاصةً أنه قد يؤدي إلى تقليص قدرة واشنطن على التأثير في القرارات السياسية والعسكرية، خاصةً وأن العبادي رفض أخيراً طلباً إيرانياً مباشراً حمله قائد فيلق القدس المسؤول عن الملف العراقي قاسم سليماني، بالتراجع عن إقالة المالكي من منصب نائب رئيس الجمهورية.

وبغض النظر عن كون الأمر يتعلق بالاصلاحات أم بالتحالف الرباعي فإن جذور الامر تبدو اعمق من ذلك، فالمتتبع لطبيعة التكوين المجتمعي والسياسي في العراق يجد ان هناك تياراً يريد الدولة وتياراً يتبع منظومة اللادولة.

 عمر عبد الستار

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا