وجاء في بيان صدر عن مجلس الاتحاد الأوروبي الذي اجتمع الاثنين 12 أكتوبر/تشرين الأول في لوكسمبورغ على مستوى وزراء الخارجية: "إن الغارات الروسية الأخيرة التي تمضي أبعد من استهداف داعش والجماعات الأخرى التي تعتبرها الأمم المتحدة إرهابية، بما في ذلك الغارات التي تستهدف المعارضة المعتدلة، تثير قلقنا العميق، ويجب أن تتوقف فورا".
واعتبر وزراء الخارجية في البيان أن التصعيد العسكري الأخير يؤدي إلى استمرار النزاع ويعيق العملية السياسية، كما يؤدي إلى تردي الوضع الإنساني وتنامي نزعات التطرف في سوريا.
واعتبر مجلس الاتحاد أن الغارات الروسية "يجب أن تُنفذ في إطار تنسيق وثيق" مع عمليات التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
لكن جاء البيان الجديد للاتحاد الأوروبي بموقف معتدل نسبيا بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد، باعتبار أنه يجب أن "يرحل عاجلا أو آجلا"، دون أن يطالب الوزراء برحيله فورا أو دون تحديد المرحلة التي يجب أن يرحل فيها.
لكن الوزراء اعتبروا أن "نظام الأسد لا يمكن أن يمثل شريكا في الحرب ضد داعش وذلك بسبب سياساته وأفعاله".
يذكر أن موسكو بدأت غاراتها الجوية في سوريا يوم الـ30 من سبتمبر/أيلول الماضي استجابة لطلب الرئيس السوري بشار الأسد.
وتنفي موسكو جميع الاتهامات الموجهة إليها باستهداف المعارضة المعتدلة في سوريا دعما للجيش السوري، مصرة على أن جميع الغارات الروسية تستهدف الإرهابيين حصرا ولا تنفذ إلا بعد تدقيق المعلومات الاستطلاعية التي تجمعها طائراتها بلا طيار ومعلومات الجيش السوري.
وفي هذا الخصوص جدد أليكسي ميشكوف نائب وزير الخارجية الروسي التأكيد أن سلاح الجو الروسي يستهدف في سوريا فقط مواقع تنظيم داعش وجماعات إرهابية أخرى وليس على قوات تابعة للمعارضة المعتدلة.
وقال تعليقا على بيان المجلس الأوروبي: "إنني قرأت تصريحاتهم، لكن الجميع يدركون من فترة طويلة أن روسيا تستهدف التنظيمات الإرهابية، وداعش وليس المعارضة".
موغيريني تدعو إلى تنسيق ثلاثي بشأن سوريا
وكانت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني قد دعت قبل بدء اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي إلى تنسيق خطوات بروكسل وواشنطن وموسكو في سوريا، وإلى أن يكون دور روسيا السياسي في سوريا أكبر، محذرة من تفاقم الوضع هناك سياسيا وعسكريا.
وتابعت موغيريني أن أفعال روسيا في سوريا لا يمكن اعتبارها إيجابية أو سلبية بشكل واضح، مشيرة إلى أن تدخل روسيا "يغير الوضع ويحمل عناصر تثير القلق، خاصة خرقها لأجواء تركيا".
وأكدت موغيريني أن خطوات الأطراف المعنية يجب أن تكون موجهة ضد داعش وغيره من التنظيمات التي تعتبرها الأمم المتحدة إرهابية قائلة: "لدى الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي جميعا موقف مشترك يتمثل في القرارات المتخذة في إطار الأمم المتحدة. ويجب أن تكون الخطوات منسقة، وإلا فإن ذلك سيكون خطرا ليس فقط من وجهة النظر السياسية، بل ووجهة النظر العسكرية أيضا".
وأشارت المسؤولة الأوروبية إلى أن بروكسل يجب أن تبذل كل الجهود من أجل دعم عملية تشارك فيها جميع الجهات المعنية في تسوية الأزمة في سوريا.
وقالت إن جميع اللاعبين في هذه الأزمة وعملية الانتقال السياسي يجب أن يشاركوا في المفاوضات وإن نتائج الانتقال ستحدد من خلال جهود مشتركة للمجتمع الدولي وللسوريين في المقام الأول.
بدوره دعا وزير خارجية بلجيكا ديديه ريندرس إلى تنسيق الضربات الجوية مع روسيا ضد تنظيم داعش وكذلك التنسيق في عملية انتقال السلطة في سوريا، معربا عن مخاوفه بأن روسيا "قد تقصف مواقع أخرى في سوريا لا تعود للتنظيم الإرهابي".
من جهتها أعلنت وزيرة خارجية السويد مارغوت فالستروم أن الاتحاد الأوروبي يدعو روسيا إلى أن يكون دورها في سوريا سياسيا أكثر من أن يكون عسكريا.
وقالت فالستروم بعد وصولها إلى لوكسمبورغ للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الاثنين، "علينا أن ندعو روسيا لتلعب دورا أكبر في المجال السياسي في سوريا من دورها في المجال العسكري". وترى الوزيرة السويدية أن الوضع في سوريا "بات يثير قلقا كبيرا بسبب زيادة التوتر" بعد انطلاق العملية العسكرية الروسية.
من جانبه صرح وزير الخارجية الدنماركي كريستيان ينسن بأن على روسيا أن تنضم إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي.
وقال ينسن: "علينا أن نتحدث مع روسيا عن أمرين – أولا، لن نسمح بخرق المجال الجوي التركي الذي يمثل كذلك المجال الجوي للناتو. ومن غير المقبول أن تخرق مقاتلات روسية أو صواريخ مجنحة أجواء تركيا".
وأضاف: "ثانيا، إذا أرادت روسيا أن تصبح جزءا من الجهود الرامية لمكافحة داعش فعليها أن تنسق خطواتها مع التحالف الدولي"، معربا عن أمله في أن تصبح جزءا من هذا التحالف.
وأكد الوزير الدنماركي من جهة أخرى أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يجري مباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد من أجل إطلاق عملية سياسية لتسليم السلطة في سوريا.
وقال: "لا يوجد مستقبل لسوريا في الأمد الطويل دون إطلاق عملية سياسية لتسليم السلطة وتشكيل حكومة جديدة، إلا أن إطلاق هذه العملية مستحيل دون إقامة حوار مع الحكومة الحالية. على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا وغيرها من الأطراف أن تناقش ذلك مع الرئيس الأسد".
من جهته أكد وزير خارجية سلوفاكيا ميروسلاف لايتشاك أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى الحوار مع روسيا لتسوية الأزمة في سوريا.
وقال لايتشاك: "نحتاج قبل كل شيء إلى الحوار الذي لا مكان له الآن. ومشاركة روسيا في الأزمة السورية هي الواقع الذي لا يمكن تجاهله. وعلينا أن نستجيب إذا أردنا أن نكون لاعبا مهما. ومن المنطقي أن نجري حوارا مع روسيا بشأن سوريا".
ودعا الوزير السلوفاكي بروكسل إلى إعداد "استراتيجية واقعية" للتسوية في سوريا.
المصدر: وكالات