مسيرة "المليون رجل" التي نظمها الآلاف من الأمريكيين من أصول إفريقية السبت 10 أكتوبر/تشرين الأول طالبوا بالعدالة ووقف ممارسات الشرطة ضد السود، هذه المسيرة تؤكد من جديد عمق مشكلة "العنصرية" التي ترخي بظلال قاتمة على النموذج الأمريكي بلد الحريات والعدالة الاجتماعية كما يزعم.
الذكرى العشرون لـ"مليون رجل" لوحت بشعار "العدالة وإلا فلا .." لتظهر نفاد صبر الأفارقة الأمريكيين تجاه المعاملة المختلفة والعنصرية التي تعرضوا لها منذ عقود مع تأسيس الولايات المتحدة وحتى اليوم.
وكشفت الأرقام الأولية أن عدد المشاركين فى المسيرة تخطى 800 ألف مشارك، وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد شارك فى مسيرة "مليون رجل" العام الماضي إلا أنه لم يستطع أن ينضم لها هذا العام.
وانتشرت حشود من المواطنين الأمريكيين قدموا من أنحاء مختلفة من البلاد أمام مبنى الكونغرس، منصتين لخطابات القيادات وأبرزهم "لويس فرخان" 82 عاما قائد حركة المسلمين السود المعروفة باسم "أمة الإسلام" الذي حذر من أن "الأوضاع قد بلغت حد الانفجار" ووصف معضلة التمييز العنصري بالولايات المتحدة بـ"البركان الذي بدأ بالتفجر"، ودعا الرئيس باراك أوباما إلى التعامل مع خروقات حقوق الإنسان وما سماها بوحشية الشرطة ضد الأقليات في الولايات المتحدة.
كما طالب مجتمع السود بالتصدي للظلم الاجتماعي الذي يمارس ضدهم، وذكر بمقتل "مايكل براون"، و"تريفون مارتن"، على يد الشرطة الأمريكية بولايتي فيرغسون وفلوريدا.
يشار إلى أن مسيرة "المليون رجل" قد بدأت بدعوة من زعيم حركة "أمة الإسلام" في 16 أكتوبر/تشرين الأول عام 1995، بالتعاون مع منظمة "المؤتمر الوطني للقيادات الإفريقية الأمريكية" إضافة إلى منظمات أخرى، وذلك بالتجمع في العاصمة الأمريكية والمطالبة بحقوق السود في البلاد.
يبدو أن حلم الزعيم الأمريكي الراحل مارتن لوثر كينغ صاحب العبارة الشهيرة "لدي حلم"، لا يزال أبناء المجتمع الأسود في الولايات المتحدة يتوقون إلى تحقيقه على الرغم من مضي 50 عاما، ورغم انتخاب أول "رئيس أسود" في تاريخ الولايات المتحدة منذ تأسيسها فإن شيئا لم يتغير في ميزان العدالة الاجتماعية التي بقيت غير منصفة بحقهم.
لتصبح العنصرية في الولايات المتحدة "علامة مسجلة"، لم يعد بالإمكان إنكارها أو تجاوزها، وهو ما اعترف به الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد حادثة مقتل 9 أمريكيين من أصول إفريقية برصاص شاب أبيض في كنيسة بكارولاينا الجنوبية، بأن الشعب الأمريكي لم يتخلص بعد من "عقدة السود".
وشهد عام 2015 سلسلة حوادث مشابهة لمقتل سود أمريكيين عزل سواء على يد الشرطة الأمريكية، أو برصاص مواطنين، ففي البداية كانت في فيرغسون بولاية ميزوري العام الماضي أحداث انفجرت بعد أن أطلق الضابط الأمريكي دارين ويلسون النار على شاب أعزل من أصول إفريقية يدعى مايكل براون وأرداه قتيلا، بيد أن القضاء أصدر حما ببراءة الضابط الأمريكي فيما بعد رافضا توجيه اتهامات جنائية له. ولاحقا بالتيمورالتي تعد أكبر مدن ولاية ميريلاند الأمريكية، وتقطنها أغلبية من أصول إفريقية، شهدت بدورها أعنف احتجاجات ضد معاملة الشرطة، شرارة العنف فجرها موت شاب من أصل إفريقي يدعى فريدي غراي عقب إصابة في حبله الشوكي تعرض لها أثناء مطاردة الشرطة له في 12 من أبريل/نيسان.
وبعد أحداث بالتيمور فتح القضاء الأمريكي في مايو/ أيار تحقيقا في ممارسات شرطة المدينة بخصوص عدم احترام الحقوق المدنية بعد مقتل فريدي غراي.
أحداث دامية اختلفت في المكان والزمان في الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها أبقت على قاسم مشترك بينها، وهم ضحايا " البشرة السوداء".
المصدر: وكالات